ولد بالإسكندرية عاحيث هاجر إليها والده بعد الاحتلال الإيطالي، وعاد إلى بنغازي عام 1920، ظل بها حتى العام 1939، حيث تنقل بين عدة عواصم أوروبية أثناء عمله لدى الهيئة العربية لفلسطين، وفي تدريس اللغة العربية في المدارس الثانوية الإيطالية. الدكتور وهبي البوري، السياسي والأديب والمؤرخ الليبي، الذي تمر اليوم ذكرى وفاته، تقلد عدة مناصب في الخارجية أبرزها وزيرا للخارجية عام 1957، وفي 1963 صار مندوبا لليبيا بالأممالمتحدة، وفي العام 1979 عين مستشارا للعلاقات الدولية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول في الكويت، وفي العام 1986 تقاعد وانصرف إلى الكتابة والتأليف. نشر إنتاجه الأدبي والفكري في عشرات المطبوعات المحلية والعربية والدولية، وصدرت له ما يزيد عن تسعة مؤلفات، من بينها "بواكير القصة الليبية" عام 2004، و"بنك روما والتمهيد للغزو الإيطالي" عام 2007. كما ترجم عدة كتب عن الإيطالية منها "الحرب الليبية 1911-1912″ لفرانشيسكو مالجيري، و"الكفرة الغامضة" لدانتي ماريا توتينيتي، و"ببلوجرافيا ليبيا" للكاتب الإيطالي تشكي، والذي جمع فيه ثلاثة آلاف عنوان عن ليبيا قبل العام 1914. وظف البوري خبرته من خلال عمله مندوبا سابقا لليبيا في الأممالمتحدة لكتابة "البترول والعلاقات العربية الأفريقية"، الذي أصدرته منظمة الدول العربية المصدرة للبترول، و"النفط في العلاقات العربية والدولية" عن نفس المنظمة. كتب عدد كبير من النقاد والمؤرخين في تأبينه مقالات ودراسات، منها ما قدمه الدكتور محمد المفتي بعنوان «وهبي البوري.. دبلوماسيّ زادُه الخيالُ»، ننشر أجزاء منه لكم: لشخصية وسيرة الراحل الدكتور وهبي البوري، رحمه الله، أكثر من جانب. ففي الربع الأخير من عمره المديد انتبه الوسط الأدبي لدوره الريادي في كتابة القصة القصيرة في ليبيا. وبدوره قدم المرحوم البوري للمكتبة الليبية مجموعة قيمة من الكتب سواء كمؤلف مثل كتاب "بنغازي في فترة الاستعمار الإيطالي" أو كمترجم كما في كتاب "الكفرة الغامضة". وكان البوري من جانب آخر، قد أمضى الربع الثالث من عمره تقريبا، في خدمة الدولة الليبية كأحد مؤسسي إداراتها وخاصة في وزارة الخارجية. وقد لعب ذلك الدور كإداري "محترف" يحدوه حرصه على كفاءة آداء ما أوكل إليه من مهام ومناصب، بعيدا عن "أجواء السياسة" وما يرتبط بها من تنافس وصراعات ومناورات وغيرة ومكائد. لكن فترة التكوين في حياة ووعي البوري هي ما شدني شخصيا للرجل، الذي، لحسن الحظ، كان بيته على بعد خطوات من بيت المرحوم والدي وبيتي. تلك الفترة في حياة البوري لم تخلو من مغامرة وإثارة. فالبوري كان أحد أبناء شريحة صغيرة من الشباب الليبيين الذين تلقوا تعليمهم في المدارس الإيطالية، التي فتحت أذهانهم على حضارة العصر. وبالطبع كانت للسلطة الإيطالية أهدافها، لإعداد ليبيين للعمل في إدارتها. إعداد جيل يتحدث الإيطالية، ومتشرب للثقافة الأوروبية. ويعتمد عليه كوسيط بين السلطة الاستعمارية والليبيين. وحقق الطليان نجاحا بتطعيم إداراتهم في مجالات كثيرة منها إدارات البلديات، والإعلام سواء في إذاعة طرابلس العربية أو في مجال الصحافة وأهمها صحف بريد برقة ومجلة ليبيا المصورة. كما أعدت مدرسين للغة العربية. لكن معظم أبناء ذلك الجيل المبكر، سرعان ما أفصحوا عن ولائهم لوطنهم وثقافتهم العربية، بدرجات متفاوتة من الوضوح والصراحة. وكان البوري أحد أولئك، كما نلمس في كتاباته المبكرة على صفحات ليبيا المصورة. فنشر قصصه القصيرة، ودبج المقالات، وأدخل لعبة الكلمات المتقاطعة بالعربية. وكتب أول تحقيق صحفي (عن مظاهر الحياة في شهر رمضان في بنغازي).