اعلنت وزارة المالية عن انتهاءها من اعداد قانون تنظيم المعاملات المالية للعاملين بالقطاع الطبي بالجهات الحكومية، بالتعاون مع وزارة الصحة، مشيرة الي ان تطبيقه اعتبارا من يناير المقبل لتحسين أجور أكثر من 463 ألف عامل، بتكلفة مبدئية قدرها 6 مليار جنيه سنويا ستتحملها الخزانة العامة بخلاف الأعباء التأمينية. وقال الدكتور احمد جلال، وزير المالية في تصريحات سابقة، إن «المالية» و «الصحة» اتفقتا على صرف نحو 75% من كامل الحوافز الجديدة براتب يناير المقبل، و ال25% الباقية أول يوليو 2015، معتبرا القانون الجديد سيحل أزمة القرارات الإدارية المنظمة للحوافز والبدلات والمكافآت المالية لكل العاملين بقطاع الرعاية الصحية، بمن فيهم الأطباء بمختلف تخصصاتهم، والصيادلة وأخصائيي العلاج الطبيعي والكيميائيين والفيزيقيين وأعضاء هيئات التمريض والقطاعات الفنية المعاونة والطب البيطري. ولفت جلال إلى وضع عدد من الآليات لمنح الإثابة والحوافز وبدلات النوبتجيات لتحيقق العدالة دون النظر لتبعية جهة العمل بالديوان العام ب « الصحة» أو في المستشفيات والمراكز الطبية التابعة لها او المستشفيات التابعة للمعاهد التعليمية، مشيرا الي ان منح الحوافز سيكون متدرج بما يراعي المؤهلات العلمية والسنوات الدراسية وأقدمية العمل، بنسبة تراوحت بين 420 و600% من الأجر الأساسي، وتشمل منح حافز كادر خاص بنسبة 75% من الأجر و25% حافز مالي إضافي يرتبط صرفه بتقييم الأداء، وحوافز مالية بقيم مقطوعة عن السهر والمبيت، مع وضع ضوابط ومعايير لاستحقاقها وصرفها، بالاضافة الي حوافز مواجهة صعوبة العمل للعاملين بأقسام الطوارئ والاطباء المقيمون بالمستشفيات و المسعفين. واضاف جلال انه تم الاتفاق علي استمرار درجة التميز المالي للحاصلين علي الدكتوراه والماجستير والزمالة المصرية والدبلومة ، بجانب وضع نسبا للحافز مقابل الإشراف والقيادة، تتراوح بين 100% و300% من الراتب الأساسي. قال حلمي الراوي، مدير مركز مرصد الموازنة وحقوق الانسان، ان وزارة المالية ستمول تكلفة كادر الاطباء من الاقتراض، لافتا إلى ان الوزارة لا تفكر في حلول بديلة أهمها تطبيق الحد الأقصي للأجور بشكل صارم حتي يمكن من خلاله حل ازمة الفجوة التمويلية المتفاقمة بنحو 240 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري. واضاف الرواي ان الوزارة لم تقدم أي جديد بشأن وضع تصور مقنع لظاهرة ارتفاع الاسعار المتوقعة مع تطبيق الحد الادني الاجور بما في ذلك الزيادات المقررة للاطباء خلال يناير المقبل، مشيرا الي ان التجار سيرفعون اسعار البضائع والسلع خلال ديسمبر المقبل وقبيل تطبيق الحد الأدني للاجور المقرر تفعيله أول العام الميلادي القادم. واشار الي انه لا يمكن انكار ان مبلغ 6 مليار جنيه التكلفة المعلن عنها جراء زيادات العاملين بالقطاع الطبي ستؤثر علي مستوي الدخول، لكن المنظومة الصحية بحاجة لإعادة نظر خاصة فيما يتعلق بالتجهيزات والمعدات الطبية مازالت متعطلة ولا تصلح للعمل بشكل اكثر كفاءة. ولفت الراوى إلى ان تحليلات الموازنة العامة اكدت ان ميزانية الادوية والمقدرة بقيمة 25 إلى 35% من مخصصات قطاع الصحة، لا يتم انفاقها بشكل كامل وترجع مرة اخري الي وزارة المالية خاصة وان المرضي يضطرون لشراء الدواء خارج المستشفيات الحكومية. واشار الراوي إلى حصة ميزانية قطاع الصحة البالغة 4% من النفقات العامة بالموازنة العامة وبالتالي تعد متدنية للغاية لا تجاوز 30 جنيه كنصيب الفرد الواحد من القطاع الطبي أي لا تسمح بشراء عبوة مضاد حيوي!! وأضاف الرواي أنه رغم اسهام الزيادة الاخيرة والمقررة من وزارة المالية بقانون مؤخرا فى تحسن معاملة الاطباء مع الجمهور وتفانيهم في تقديم اقصي ما لديهم من خدمات صحية، إلا المؤسسات الطبية مازالت بحاجة لتطوير وإعادة هيكلة واستثمارات جديدة وضخمة تسمح بنمو القطاع. وطالب الرواي بضرورة تشكيل جهاز رقابي على الأسعار خاصة وان الزيادات المتوقعة في الاجور ستكون شكلية، نظرا لتوقعات بزيادة الاسعار؛ لتتم السيطرة علي ارتفاع معدلات التضخم المتوقعة بما لا يمثل أي عبء علي الاطباء ومتلقي الخدمة من محدودي الدخل، مضيفا الي اهمية زيادة مخصصات قطاع الحماية البيئية كأحد الاجراءات الوقائية ضد الأمراض بما يساعد علي زيادة القدرة الانتاجية للمواطنين مادامت صحتهم سليمة. وفي سياق متصل، طالبت الدكتورة ماجدة شلبي، استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، بضرورة سعي الحكومة لتحقيق العدالة في توزيع الدخول بين افراد المجتمع خاصة الاطباء نظرا لتعرضهم للظلم خلال الفترة السابقة، خاصة وان ذلك سيخلق ثورة غضب شعبية كما حدث قبيل اندلاع قورة25 يناير. واضافت شلبي، "هناك فجوة بين معدلي الادخار والاستثمار كأحد المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد المصري حاليا،مشددة علي ضرورة سعي الحكومة لجذب استثمارات جديدة و تحقيق معايير الافصاح والشفافية والقضاء علي الفساد. ولفتت شلبي إلى أهمية تحسين الخدمات الصحية، للنهوض بالاقتصاد بما في ذلك التعليم و البحث العلمي، لافتة إلى أن رواتب الأطباء والعاملين بالقطاع الصحي كانت متدنية للغاية ولا تسمح لهم بتحقيق اية معايير للحياة الكريمة. واضافت شلبي ان النفقات العامة للقطاع الصحي تحتاج لاعادة هيكلة في الانفاق العام داخل الموازنة منها فيما يتعلق بالدعم البالغ 31% من الموازنة العامة، لافتة الي ان 80% من الدعم علي الطاقة لا يذهب لمستحقيه، مشيرة الي ان تمويل زيادة اجور العاملين بالقطاع الطبي من خلال المساعدات الخارجية والاقتراض وهو ما سيزيد من حجم الفجوة التمويلية والدين العام البالغ 1.6 تريليون جنيه. ولفتت شلبي الي ان المعاملات الخارجية للبلاد وصلت لحدود غير آمنة، مشددة علي ضرورة سعي الحكومة لاعداد خارطة طريق موضح بها الاهداف الاقتصادية المراد تحقيقها بما يحقق معدلات النمو وتقليل معدلات البطالة المتفاقمة حتي الآن بنسبة 13.5% وتوفير فرص العمل ووسائل للنقد الاجنبي بما يرفع الاحتياطي النقدي نظير تواجد استثمارات جديدة بالدولة. واضافت شلبي انه من حق الاطباء والاداريين بالمستشفيات زيادة اجورهم بما يضمن لهم تحقيق الاكتفاء الذاتي من متطلبات الحياة وبما لا يمنع الفساد والتربح بطرق ملتوية. من جهتها قالت الدكتور عالية المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة، أن زيادة اجور الاطباء يسهم في تحسين الخدمة الصحية الموجودة بالمستشفيات والجهات التابعة لوزارة الصحة. واضافت أنه رغم عدم معرفة وسائل تمويل تلك الزيادات من الموازنة العامة، الا انه سيحقق جزء من الرضا والتقدير لجهودهم من جانب الدولة بما يجعلهم يمارسون عملهم بشكل اكبر.