وضعت الحكومة فى الموازنة الجديدة للعام 2018/2019، التي تناقش في البرلمان، 10 مليارات جنيه، من أجل تنمية الصعيد، فضلا عن إصدار مجلس النواب، قانون لإنشاء هيئة عامة خدمية تسمى "الهيئة العليا لتنمية جنوب مصر والمناطق الحدودية" يخصص لها مقرات في جميع المحافظات. الأمر أثار عدة تساؤلات حول مدى نجاح الحكومة في تخصيص تلك الأموال لإنقاذ قرى ومدن الصعيد التي أصبحت أكثر فقرًا، وتعاني من تفشي الجهل والركود والبطالة، بسبب السياسات الحكومية والقرارات الاقتصادية والفساد الإداري خلال السنوات الماضية، ولماذا لم تسرع في حل مشكلات المصانع المغلقة في الصعيد؟ والتي لا تحتاج إلا لتنظيم إداري ودعم مالي يساعد على دفع عجلة الإنتاج مرة ثانية وتوفير فرص عمل. تتبع كل جنيه وقال أحمد يوسف، عضو مجلس النواب، إنَّ من أساسيات نجاح أي برنامج أو مشروع أو إحداث أي تغيير؛ الانتظام الإداري، والشفافية، والرقابة والمتابعة الجيدة لتنفيذ المخططات الموضوعة؛ لمنع حدوث فساد إداري يتسبب في إهدار المال العام وتأخر أو إيقاف ما يمكن تنفيذه، وللأسف ذلك لم يتحقق في عدد كبير من المشروعات الكبرى التي تنفذها الحكومة، بسبب الفساد الإداري التي يرتكبه بعض المسؤولين في الجهات المنفذة للمشروعات المختلفة. وأضاف يوسف ل"البديل"، أنه لضمان صرف كل المخصصات المالية التي وضعتها الحكومة لتنمية محافظات الصعيد، مراقبة ومتابعة مستمرة من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية والبرلمان، لمعرفة ورصد كل جنيه يصرف ولماذا خرج ومن المسؤول عن صرفه؟ وهل وصل لمكانه وتم استخدامه أم لا؟ لغلق الباب أمام الفساد المالي أو الإداري الذي قد يحدث ويتسبب في إهدار المال العام. وأشار النائب عبد الحميد كمال، إلى تعهدات الحكومات التي توالت منذ سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك وحتى السنوات الأخيرة، عن أهمية تنمية الصعيد، دون تغيير ملموس شعر به الأهالي في جميع محافظات الصعيد، من خلال تحسين الخدمات أو تشغيل المئات من المصانع التي أغلقت بسبب مشاكل أو تعثرات مالية بسيطة، تسببت في زيادة معدلات البطالة والفقر، وتجاهل العديد من المسؤولين في حل مشاكلها لكي تفتح من جديد. وطالب كمال المسؤولين في بعض الجهات التي ستشارك في الهيئة العليا لتنمية الصعيد، بإدراك أن من أهم ما تنطوي عليه عملية التنمية في الصعيد؛ إحداث تغيير جذري في المستويين الاقتصادي والاجتماعي، لضمان حق المحتاجين في الموارد التي ستكون متاحة، مشددا على ضرورة وضع حلول واضحة وسريعة لمشكلة المصانع المتوقفة التي وصلت لأكثر من 3 آلاف، فالمصنع الواحد يساعد 500 أسرة على الأقل في توفير احتياجاتها وخلق فرص عمل جديدة. وأوضح الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط، أن محافظات الصعيد لطالما عانت من التهميش وغياب الاهتمام بصورة كبيرة، الأمر الذي أدى إلى حالة من التردي الثقافي والاقتصادي واضطرار أبناء تلك المحافظات في سبيل البحث عن الوظائف المختلفة إلى السفر للقاهرة. وأضاف هاشم ل"البديل"، أن غياب التنمية خلال الفترة الماضية في الصعيد أدى إلى إهدار مليارات الجنيهات لعدم استغلال موارد هذه المحافظات ولعدم إتاحة فرص العمل ولهجرة الشباب، لافتًا إلى ضرورة الاعتماد على المشروعات التي تشغل أكبر عدد من الشباب. وفي السياق، قال الدكتور محمود مصطفى، خبير الاقتصاد والعلاقات الدولية، إن قرار إنشاء هيئة تنمية جنوب الصعيد، أمر مهم؛ فمن خلاله يتم تطوير الزراعة والصناعة والتعليم في الجنوب، لكن لابد من وضع دراسات جدوى المشاريع حسب كل محافظة، فبعضها تحتاج إلى تطوير الاستثمار السياحي، وبعضها الآخر يحتاج الاهتمام بالزراعة والثروة الحيوانية، وأخريات تحتاج لفتح المصانع، ما يتطلب من كل محافظة التعاون مع هيئة تنمية جنوب الصعيد وتوفير البيانات اللازمة لاختيار المشاريع الضرورية للنهوض بالمحافظة، ويوفر البنك المركزي السيولة النقدية التي يحتاجها كل مشروع.
منح مالية.. ومعدلات الفقر تتزايد ورغم المنح التي قدمت للجنوب تحت مسمى "تنمية الصعيد" والاهتمام بأهله، طوال الأعوام الماضية، وآخرها منحة برنامج التنمية المحلية في صعيد مصر الممول من البنك الدولي بتكلفة 500 مليون دولار، لدعم جهود الحكومة في توفير فرص العمل هناك عن طريق تحسين مناخ الأعمال والنهوض بمرافق البنية التحتية وتقديم الخدمات، إلا أن مدن وقرى الصعيد أصبحت الأكثر فقرًا، وبحسب مؤشرات الفقر لعام 2015 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 27.8% نسبة الفقر في مصر، وأغلب سكان الريف في محافظات الصعيد من يعانون الفقر. وأوضح التقرير السنوي للجهاز في نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2015، أن 57% من سكان ريف الوجه القبلي، فقراء، مقابل 19.7% بريف الوجه البحري، مضيفة أن نسبة الفقر بلغت 27.4% بحضر الوجه القبلي، وتقل إلى 9.7% في حضر الوجه البحري، موضحة أن 15% من سكان المحافظات الحضرية فقراء.