حملة مُمنهجة وخطة لا يحيد عنها الاحتلال لمواجهة المقاومة الفلسطينية الفردية أو المنظمة، فالكيان الصهيوني لم يتوان يومًا في ممارسة الانتهاكات بحق المقاومين كمحاولة للتضييق عليهم ومعاقبتهم على مواجهة غطرسة الاحتلال، ودائمًا ما تتبع هذه الممارسات جملة من القوانين والتشريعات التي يتم مناقشتها في البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" للتصديق عليها كغطاء قانوني لعنصرية الاحتلال، حيث استخدمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سلسلة من الأدوات والسياسات التي سعت من خلالها لمعاقبة منفذي عمليات المقاومة ضد الاحتلال وذويهم، ظنًا منها أن هذه العقوبات ستكون رادعة أو مُحبطة. احتجاز الجثامين
صادقت ما تسمى ب"اللجنة الوزارية للتشريع" في الكيان الإسرائيلي، الأحد الماضي، بالقراءة الأولى على مشروع قانون يمنح سلطات الاحتلال صلاحية احتجاز جثامين شهداء فلسطينيين، ومنع تشييعهم في جنازات جماهيرية، وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بأن 57 عضوًا في الكنيست صوّتوا لصالح تمرير مشروع القانون، مقابل معارضة 11 نائبًا. ويمنح القانون شرطة الاحتلال صلاحية مواصلة احتجاز جثامين الشهداء منفذي عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفرض جملة شروط على ذويهم في حالة الإفراج عنهم، وتتعلق هذه الشروط بتحديد موعد الإفراج عن الجثامين وعدد المشاركين فيها وهويتهم، بما فيها منع مشاركة أشخاص يشكل وجودهم خطرًا، ومسار الجنازة وموعدها، وتحديد قائمة من الأغراض التي يمنع حملها في الجنازة، وتحديد مكان الدفن، وإيداع كفالة لضمان تنفيذ الشروط المنصوص عليها.
وبموجب مشروع القانون الذي اقترحه وزير الأمن الداخلي الصهيوني، جلعاد أردان، ووزيرة القضاء، اييليت شاكيد، فإن "الشرطة الإسرائيلية لا تُعيد الجثث لذويهم، إلا إذا تأكدت من عدم تحول الجنازة إلى مسرح للتحريض أو لدعم الإرهاب"، ويخول القانون للشرطة أيضًا احتجاز جثة الشهيد بذريعة وجود "مخاوف حقيقية من أن تؤدي جنازة تشييع الجثمان إلى المس بالأمن أو إلى تنفيذ عمل ضد أهداف للاحتلال".
مشروع القانون الصهيوني حاول أن يُقصى أي صلاحية للمحكمة العليا للاعتراض على أحكامه، حيث منح المحكمة العليا فقط صلاحية الرقابة القضائية على هذه الأوامر التي تصدرها شرطة الاحتلال بحق منفذي العمليات، دون أن يحق لها الاعتراض على عدم تسليم جثامين الشهداء، وجاء الإقصاء متعمدًا بعدما قررت المحكمة العليا الإسرائيلية، في ديسمبر الماضي، منع احتجاز الجثث أو استخدامها للتفاوض على صفقات تبادل، القرار الذي اعترض عليه المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغر بححجة "المخاطر المحتملة في حال تنظيم جنازات للمنفذين بدون القيود التي عرضتها الشرطة".
ويحتاج مشروع القانون الذي حظي بمصادقة برلمانية بالقراءة التمهيدية في 25 يناير عام 2016، إلى المصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة أيضًا، بعدما صادق عليه الكنيست الأحد الماضي بالقراءة الأولى، حتى يصبح نافذًا، الأمر الذي قد يُزيد عدد جثامين الشهداء الفلسطينيين المُحتجزة لدى الاحتلال، حيث تحتجز السلطات الإسرائيلية ما يقرب من 253 جثمانًا منذ عدة سنوات، بينهم 16 منذ أكتوبر 2015، بحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، وسبق للاحتلال أن دفن 4 شهداء في "مقابر الأرقام"، بعدما كان يحتجز جثامينهم في الثلاجات لمدد طويلة.
مُصادرة الأموال
ويأتي التشريع الجديد في إطار محاولات الاحتلال الصهيوني استخدام القانون كغطاء على ممارساته العنصرية وإجراءاته المجحفة بحق منفذي عمليات المقاومة الفلسطينية وذويهم، حيث تفرض سلطات الاحتلال العديد من القوانين في محاولة لاستخدام هذا الملف كورقة ضغط على المقاومة الفلسطينية، ومؤخرًا تحاول استغلاله للعمل على استعادة جنودها الأسرى في قطاع غزة، فقانون احتجاز الجثامين لم يكن الأول في إطار معاقبة الاحتلال للمقاومة الفلسطينية، بل سبقه بأسابيع مصادقة اللجنة الوزارية للتشريع في الكنيست، على قانون يقضي باستقطاع رواتب الأسرى والشهداء ومنفذي العمليات الفلسطينيين من عائدات الضرائب الفلسطينية، وتحويلها إلى المستوطنين.
وزير الحرب الصهيوني، أفيجدور ليبرمان، الذي قدم القانون إلى الكنيست بالأساس، زعم أن "السلطة الفلسطينية تدفع سنويًا رواتب للأسرى وعائلاتهم تتجاوز المليار شيكل، لتنفقهم على الإرهاب"، مضيفًا: قريبًا ستكون هناك نهاية للمسرحية العبثية، وأموال رواتب الأسرى سنأخذها من أبو مازن لمنع وقوع عمليات ضدنا ولتعويض ذوي القتلى والجرحى الإسرائيليين. هدم المنازل