تظل صناعة آلة العود، رغم تراجعها، معلما رئيسيا في مدينة طنطا، التي مازالت تضم بعض الورش، ويظل الصانع محمد الصغير، قابضا على المهنة ومحتفظا بمكانته وورشته حتى اليوم. ويعرف الصغير بصاحب أقدم ورشة لتصنيع العود في شارع ترعة الشيتي بمدينة طنطا، تلك المنطقة الأثرية التى يتوافد المهتمون بالفن وبالآلات الموسيقية، يحترف الصناعة منذ ثلاثين عاما عن حب واقتناع أهلاه ليكون واحدا من أهم صناع العود. تعلّم محمد الصغير المهنة على يد شقيقه الأكبر مجدي، الذي تعلمها بدوره من مصطفى داغر، والد الموسيقار المعروف عبده داغر، كما نشأ في أسرة فنيه كبيرة، فكان والده محمد حمامة، المونولوجست المعروف. يرى الصغير أن صناعة العود بدأت تتراجع إلى حد الانقراض بسبب ظروف الناس الاقتصادية، كما تفتقد الأجيال الجديدة ثقافة الفن القديم وآلاته العتيقة مثل العود، فجاءت موجة المهرجانات لتطيح بالأجيال الناشئة إلى الهلاك، لاسيما أن قوة الأمة تعرف عن طريق ثقافتها، وتمنى أن تقف وزارة الثقافة والنقابات بجانب الفن القديم والقضاء على الهابط منه وأغاني المهرجانات. ويؤكد محمد الصغير أن مصر كانت تصدر العود، لكن بعد غلاء الخامات توقف الأمر؛ لصعوبة منافسة باقي الدول في الأسعار، وأصبح بيع عود واحد بمثابة عيد، وموسم البيع يكون مع بداية دخول الدراسة في تربية نوعية، والذي لا يتجاوز 20 قطعة فقط طوال العام. وللعود أنواع كثيرة؛ منها العراقي والخليجي والعربي والشرقي "المصري"، والكمثرة، غيرها من الأنواع التي تبدأ بأسعار 150 جنيها، وتستغرق صناعة القطعة وقتا يصل إلى شهر كامل، حسبما أكد الصغير، ويتكون من "قصعة ووش ورقبة وفرسة ومفاتيح وأوتار"، ولا يصنع من الخشب الزان فقط، إنما من أنواع أخرى أيضا يتم استيرادها من الهند، وكلما ارتفعت خامة الخشب، كلما أعطى صوتا أجمل.