عاب كثير من النشطاء على حزب الله أن قادته لوثوا تاريخهم المقاوم ضد إسرائيل، ووصفوا الحزب بالميلشيات المجرمة؛ باشتراكهم في الحرب ضد الحركات المسلحة في سوريا، ووقوفهم في صف بشار ولكن في نفس الوقت أثنوا على حماس وواقعيتهم السياسية، وكيف كان لحماس الإخوانية مكتبا وتواجدا سياسيا في دمشق وعلاقات جيدة بنظام الأسد الأب دون أن تؤثر مجازر الأسد الأب ضد الإخوان في حميمية هذه العلاقة!. وهو ما عبر عنه أحد النشطاء معلقًّا "حماس لها قضية واحدة: قضية فلسطين، ليست قضية الثورة المصرية ولا الثورة السورية ولا الحريات في الوطن العربي!، فما هو الجديد؟ وما هو الفرق بين رفع صور حافظ الأسد أو الخميني أو حتى عبد الفتاح السيسي في غزة؟ وما هو الجديد في التعامل مع المخابرات المصرية كوسيط للمصالحة… ليس هناك أي جديد ولا تطور سياسي ولا تنازل ولا أي شئ. حماس تفعل ما كانت تفعله منذ عشرات السنين. أخذ الدعم من أي نظام عربي حتى ولو كان ديكتاتوريًّا، الحفاظ على علاقات جيدة مع الجميع بما فيهم الأنظمة التى تقمع الحريات أو ترتكب المذابح، وفي الوقت الذي كانت فيه ميليشيات حزب الله في حرب طاحنة ضد الثورة السورية، قامت حماس بنعي والمشاركة في تشييع جنازة بعض قتلى حزب الله، وفي الوقت الذي توترت فيه علاقة إيران بالعرب كانت حماس تتلقى إمدادات عسكرية ومادية ودعم سياسي ومالي من إيران، في امتداد لسنوات طويلة من التدريب العسكري الإيراني لمقاتلي حماس دون أن تتدخل حماس أو حتى تعلق على التدخل الإيراني السافر في سوريا واليمن؛ فحماس لم تدعِّ يوما من الأيام أنها تحارب من أجل الحريات في العالم، ولكن تقاوم من أجل القضية الفلسطينية. وما الفرق بين نعي حماس لقيادات حزب الله المقتولين في سوريا وبين إرسال هنية تحية للقيادة المصرية؟ انتهى كلامه وهو بالمناسبة أعقل ما قيل!، ولكن ما كان ينقصه أن يعنون مقالته ب (كيف تصنع مغالطة منطقية في سطور؟). ونحن نتساءل: هل طلب أحد من حماس وحركات المقاومة كلها غير أن تكون بوصلتها صوب القضية الفلسطينية فحسب، ولا ينشغلون بحكم ولا ثورات خارجية ولا فتن مذهبية، لكن للأسف ما حدث بعد الربيع العربي هو العكس، حيث انشغل المكتب السياسي لحماس تارة بالانحياز لحركات الإسلام السياسي وتارة بمشاركة بعض أفرادها مع الحركات المسلحة في سوريا وبدلا من توجيه صواريخهم إلى الكيان الصهيوني، ونقل خبراتهم إلى الصفوف الثانية وحركات المقاومة الأخرى في فلسطين، فإذا بهم يصدرون ما تعلمته أيديهم للجماعات المسلحة في سوريا ويدخلون أنفسهم في صراعات طائفية ومذهبية لا تستفيد منها إلا إسرائيل ومن نحى نحوها، فهل يعقل أن ينصح خالد مشعل حزب النهضة التونسي بألا ينشغلوا بالهم بفلسطين والأقصى ويتفرغوا للسياسة التونسية الداخلية، وكأن القرار السياسي فيما يبدو لحماس من بعد الربيع العربي، هو عبادة انتظار الفرج، وهو ما تلمحه في هدوئهم الطويل وتصريحاتهم التي تستشف منها أنه قد انطبع في عقل القيادة أنه يكفي حماس ما حققته من سيطرة على القطاع، وأن انتصار القضية برمتها أصبح مرتبطا بوجود الجيش العربي الذي سيتكفل انتصار الربيع العربي بتكوينه وعودة الخلافة الإسلامية، أما حركات المقاومة فلن تصنع نصرا كاملا ولن تحرر أرضا وحدها! لا أفهم ماهو أوجه التشابه بين رفع صور الخميني وحافظ الأسد في غزة، وبين رفع صور السيسي هناك! ما لكم كيف تحكمون؟ هل يستوي من ساعد حركات المقاومة بمن ناوأها، بأي ميزان نضع من فتح ذراعيه كمقرات آمنة في بلادها في نفس الكفة مع من حاصرهم وأغرق أنفاقهم وطاردهم وعذبهم، بل حتى منع العجائز منهم من أداء فريضة الحج!. إذن الدرس الأهم: أن أخذ الدعم من أي نظام حتى ولو كان ديكتاتوريًّا والحفاظ على علاقات جيدة مع الأنظمة التي تقمع الحريات أو ترتكب المذابح أمور عادية ليس فيها تنازل ولا أي شيء! إلا إذا كانت المقاومة ضد الحركات المسلحة في سوريا فهُم بذلك ميليشيات مجرمة ومقاتلين مرتزقة. فكذَّاب بني ربيعة أحب إلينا من صادق مضر! لف وارجع تاني! بعض أعضاء التنظيم العالمي للتبرير المعروف إعلاميا بجماعة الإخوان، عادوا ليفحموا كل من تسول له نفسه أن يفكر نقديا فيما تفعله حماس في تلك الصفقة، بردود افتقدناها منذ الانقلاب على مرسي؛ من نوعية " الإخوة اللي فوق عارفين اللي بتلبسه من تحت، والإخوة في المقاومة عمرهم ما هيسيبوا المقاومة! وأهل غزة أدرى بشعابها، ولا يفتي قاعد لمجاهد، ولا مجاهد لمجاهد! وأحسنوا الظن دوما فيمن رفع السلاح حتى ولو مشى في طريق من سينزعون منه السلاح! لم يشارك الإخوان في الثورة من البداية لمصلحة الثورة، ثم شاركوا لمصلحة الثورة، ولم يرشحوا أحدا في الرئاسة من أجل مصر، ثم تراجعوا ورشحوا رئيسا من أجل المصريين!! هكذا رؤية الجماعة دوما فأينما كانت مصلحة الجماعة فثم شرع الله والوطن، وبالمثل شاركت حماس في الانتخابات من أجل القضية، وصمدوا على الحصار لأن طريق المقامة تجويع فحصار فصمود فانتصار، واليوم الحصار لم يعد يتحمله الشعب، ولم يتهيأ لقبول الحكومة الإسلامية في ظل الاحتلال! يدعو الإخوان إلى تنشئة الفرد المسلم وإقامة البيت المسلم ثم المجتمع المسلم ومن ثم الحكومة المسلمة، ولكننا فقط كنا نتساءل كيف ستنشأ سلطة إسلامية تحت صواريخ الاحتلال؟! فالتخلية قبل التحلية، والتربية تكون بالمقاومة وعدم الركون إلى الدوحة وإسطنبول والرياض؛ فأقصى ما ستقدمه قطر هو الدعم الإعلامي، واستقبال قيادات الحركة في الفنادق، وكل ما ستستفيدونه من تركيا إرسال سفينة مساعدات عينية، على غرار ما تقدمه منظمات الإغاثة الإنسانية، أو بعض الحنجوريات ضد ممثلي الصهاينة، ثم تعود العلاقات الدافئة من جديد، وكل ما تفعله الرياض هو إغراء قيادات حماس بالمال والمساعدات الاقتصادية الكبيرة، ولكن بشرط أن يتخلوا عن السلاح! قيادة حماس الآن على محك كبير ومسئولية عظيمة أمام هذا الجيل والأجيال القادمة، إن هم ساروا في طريق أوسلو والتنازلات، سيندمون يوم أن يروا أنفسهم قد تخلوا عن ركب المقاومة، وربما وقتها سيكون شباب انتفاضة السكين في القدس والضفة هم طليعة المقاومة، ومن خلفهم ستحاول حماس اللحاق، سوف يندم قادة حماس كثيرا إن هم حادوا عن طريق ياسين والرنتيسي.