المصريون بالخارج يواصلون التصويت في ثاني وآخر أيام الاقتراع بالدوائر الملغاة    ولاية فلوريدا الأمريكية تصنف جماعة الإخوان منظمة إرهابية    الخشيني: جماهير ليفربول تقف خلف محمد صلاح وتستنكر قرارات سلوت    تحذيرات من الأرصاد: طقس غير مستقر اليوم الثلاثاء مع 3 ظواهر تضرب المحافظات    برلمانيون ليبيون يستنكرون تصريحات مجلس النواب اليوناني    الفنانة شمس: صاحب العقار طردني علشان 17 جنية    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    الليلة، الزمالك يستهل مشواره في كأس عاصمة مصر بمواجهة كهرباء الإسماعيلية    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 9 ديسمبر    فلوريدا تصنف الإخوان وكير كمنظمتين إرهابيتين أجنبيتين    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    عوض تاج الدين: المتحور البريطاني الأطول مدة والأكثر شدة.. ولم ترصد وفيات بسبب الإنفلونزا    الرياضة عن واقعة الطفل يوسف: رئيس اتحاد السباحة قدم مستندات التزامه بالأكواد.. والوزير يملك صلاحية الحل والتجميد    محمد أبو داوود: عبد الناصر من سمح بعرض «شيء من الخوف».. والفيلم لم يكن إسقاطا عليه    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025: طقس بارد ليلًا وأمطار متفرقة على معظم الأنحاء    ما هي شروط إنشاء مدارس مهنية ثانوية؟.. القانون يجيب    الكواليس الكاملة.. ماذا قال عبد الله السعيد عن خلافه مع جون إدوارد؟    تعرف على عقوبة تزوير بطاقة ذوي الهمم وفقًا للقانون    أحمديات: مصر جميلة    من تجارة الخردة لتجارة السموم.. حكم مشدد بحق المتهم وإصابة طفل بري    مصدر بالسكك الحديد: الأمطار وراء خروج عربات قطار روسي عن مسارها    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    كرامة المعلم خط أحمر |ممر شرفى لمدرس عين شمس المعتدى عليه    بفستان مثير.. غادة عبدالرازق تخطف الأنظار.. شاهد    خيوط تحكى تاريخًا |كيف وثّق المصريون ثقافتهم وخصوصية بيئتهم بالحلى والأزياء؟    "محاربة الصحراء" يحقق نجاحًا جماهيريًا وينال استحسان النقاد في عرضه الأول بالشرق الأوسط    التعليم تُطلق أول اختبار تجريبي لطلاب أولى ثانوي في البرمجة والذكاء الاصطناعي عبر منصة QUREO    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    الأهلي والنعيمات.. تكليف الخطيب ونفي قطري يربك المشهد    مرموش ينشر صورا مع خطيبته جيلان الجباس من أسوان    حذف الأصفار.. إندونيسيا تطلق إصلاحا نقديا لتعزيز الكفاءة الاقتصادية    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    نائب وزير الإسكان يلتقي وفد مؤسسة اليابان للاستثمار الخارجي في البنية التحتية لبحث أوجه التعاون    وزير الاستثمار يبحث مع اتحاد المستثمرات العرب تعزيز التعاون المشترك لفتح آفاق استثمارية جديدة في إفريقيا والمنطقة العربية    رئيس مصلحة الجمارك: انتهى تماما زمن السلع الرديئة.. ونتأكد من خلو المنتجات الغذائية من المواد المسرطنة    تحذير من كارثة إنسانية فى غزة |إعلام إسرائيلى: خلاف كاتس وزامير يُفكك الجيش    جريمة مروعة بالسودان |مقتل 63 طفلاً على يد «الدعم السريع»    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    الزراعة: الثروة الحيوانية آمنة.. وأنتجنا 4 ملايين لقاح ضد الحمى القلاعية بالمرحلة الأولى    لدعم الصناعة.. نائب محافظ دمياط تتفقد ورش النجارة ومعارض الأثاث    الأوقاف تنظم أسبوعًا ثقافيًا بمسجد الرضوان بسوهاج | صور    إحالة أوراق قاتل زوجين بالمنوفية لفضيلة المفتي    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    تحرير 97 محضر إشغال و88 إزالة فورية فى حملة مكبرة بالمنوفية    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    جوتيريش يدعو إلى ضبط النفس والعودة للحوار بعد تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة "أبو غالي موتورز" خطط توطين صناعة الدراجات النارية في مصر    محافظ سوهاج بعد واقعة طلب التصالح المتوقف منذ 4 سنوات: لن نسمح بتعطيل مصالح المواطنين    المنتخب السعودي يفقد لاعبه في كأس العرب للإصابة    علي الحبسي: محمد صلاح رفع اسم العرب عالميا.. والحضري أفضل حراس مصر    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    متحدث الصحة ل الشروق: الإنفلونزا تمثل 60% من الفيروسات التنفسية المنتشرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبده والإصلاح الاجتماعي.. رؤية في بناء الأسرة (1)
نشر في البديل يوم 28 - 08 - 2017

في جهوده للإصلاح الاجتماعي، يقدم الإمام محمد عبده رؤية جريئة، وأفكارا متقدمة جدا، تشتبك مع ما هو سائد ومستقر، حول نظام الأسرة، وطبيعة عقد الزواج، وضرورة التعارف بين الزوجين، وتعديد الزوجات.. رؤى ربما يرفضها تيار الجمود والتقليد في عصرنا اليوم، فكيف بها من أكثر من 120 عاما؟
يرفض محمد عبده تعريف "الزواج" السائد في كتب الفقه (عقد يملك به الرجل بُضع المرأة)، معتبرا أن هذا التعريف يقصر العلاقة بين الزوجين على الشهوة الجنسية، مع تجاهل تام للواجبات الأدبية، والتراحم والمودة التي هي أساس بناء البيت والأسرة.. ويقول الإمام: "وقد رأيت في القرآن الشريف كلاما ينطبق على الزواج، ويصح أن يكون تعريفا له، ولا أعلم أن شريعة من الشرائع وصلت أقصى درجات التمدن جاءت بأحسن منه.. قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة.."، ويعلق الإمام: والذي يقارن بين التعريف الأول الذي فاض من علم الفقهاء علينا والتعريف الثاني الذي نزل من عند الله، يرى بنفسه إلى أي درجة وصل انحطاط المرأة في رأي فقهائنا وسرى منهم إلى عامة المسلمين".
ومن الواضح أن الأستاذ الإمام يقدم الاعتبارات الإنسانية، والرباط الوجداني، على التعريفات الفقهية الجافة والضيقة، وهو في موقفه يستند إلى القرآن، فيرى أن آية سورة الروم عن المودة والرحمة والسكن، تمثل تعريفا أرقى وأبقى.
ويتصدى محمد عبده لما كان سائدا من إهمال التعارف بين الرجل والمرأة قبل إتمام الزواج، أو الاكتفاء برؤية سريعة لا يمكن من خلالها تكوين رأي سليم بالارتباط الدائم، فيتساءل مستنكرا: كيف يمكن لرجل وامرأة سليمي العقل قبل أن يتعارفا أن يرتبطا بعقد يلزمهما أن يعيشا معا، وأن يختلطا كمال الاختلاط.. ثم يضيف ساخرا: أرى الواحد من عامة الناس يرفض أن يشتري خروفا أو جحشا قبل أن يراه ويدقق النظر في أوصافه ويكون آمنا من ظهور عيب فيه، وهذا الإنسان العاقل نفسه يقدم على الزواج بخفة وطيش يحار أمامها الفكر".
ويقطع محمد عبده الطريق على من يدعون أن رؤية سريعة للوجه كافية لقبول أو رفض الزوج أو الزوجه، ويؤكد على ضرورة التعارف الحي النابض، واطلاع كل طرف على طرائق تفكير الطرف الآخر، ويحدد موقفه من التعارف القائم على رؤية سريعة بكلام قاطع واضح إذ يقول: لعلك تقول إن المرأة ترى خطيبها من الشباك مرارا، وإن الرجل يعرف بواسطة أمه أو أخته أوصاف خطيبته، مثل سواد شعرها وبياض خدودها وضيق فمها واعتدال قوامها ورزانة عقلها، وما أشبه ذلك… فنقول، كل هذه الصفات متفرقة لا تفيد صورة ما، ولا يمكن أن ينبعث عنها ميل إلى طلبها لتكون عشيرة تطمئن إلى صحبتها النفوس، وتتعلق بها وبنسلها الآمال، وإنما الذي يهم الإنسان البصير هو أن يرى بنفسه خَلقا يفتكر ويتكلم ويفعل، خَلقا يجمع من الشمائل والصفات ما يلائم ذوقه ويتفق مع رغباته وعواطفه".
ويشدد الأستاذ الإمام على ضرورة التوافق العقلي والروحي، وهو ما لا يتأتى في رأيه بنظر سريع عابر، ولا يحصل إلا باختلاط كاف، فيقول: على أن الانجذاب المادي ليس كافيا في الزواج، بل يلزم أيضا أن يوجد توافق بين الزوجين، وائتلاف بين ملكاتهما وأخلاقهما وعقولهما، ولا تتأتى معرفة وجود هذا التوافق وعدمه إلا إذا خالط كل منهما صاحبه ولو قليلا.
ويرد محمد عبده وهن الروابط الأسرية وسرعة انحلالها إلى إهمال شرط التعارف الكافي والتوافق المطلوب بين الزوجين.. ثم يؤكد أن للنساء نفس الحقوق في اختيار أزواجهن، ويرفض ما كان سائدا من إهمال رأي الفتاة في خطيبها.. فيقول في حسم: وكل ذي ذوق سليم يرى من الصواب أن يكون للمرأة في انتخاب زوجها ما للرجل في انتخاب زوجته، فإنه أمر يهمها أكثر مما يهم ذوي قرابتها.
بل إن الأستاذ الإمام يذهب إلى ما هو أبعد من التعارف بين الرجل والمرأة أو مجرد ميل كل منهما للآخر، فيقرر أنه من الضروري أن تبنى العلاقات الزوجية على الحب، معتبرا أن هذا المعنى السامي يكون سببا قويا يعين الزوجين على مواجهة منغصات الحياة وعقباتها المادية، فيقول: انظر إلى زوجين متحابين، تجدهما من اليوم في نعيم الجنة.. ماذا يهمهما أن يكون الصندوق خاليا من المال أو أن يكون على المائدة عدس وبصل؟.. أما يكفيهما فرح القلب في كل دقيقة تمر من اليوم.. هذا الفرح الذي يبعث النشاط في الجسم والطمئنينة في النفس، ويحيي في القلب شعورا بلذة الحياة، ويزينها ويخفف ثقلها.
وجلي أن الإمام الكبير كان يجنح إلى قيم إنسانية، يراها لا تتعارض مع حقيقة الدين وروحه، وأن بدت متعارضة مع كلام القدماء واصطلاحات الفقهاء وتعقيدات المفسرين.. وهو بهذا يقدم رؤية إنسانية متقدمة للعلاقات الأسرية، ربما كنا بحاجة إليها اليوم، بعد أن امتلأت ساحاتنا بهواة التنطع وأعداء كل جميل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.