تسبب ارتفاع أسعار الردة والأعلاف في إحجام الآلاف من المزارعين والفلاحين بمختلف مراكز وقرى ونجوع محافظة سوهاج عن تربية الماشية حتى الحلوب منها، وهو ما أثر بالسلب على الثروة الحيوانية بالمحافظة، في تجاهل تام من كافة المسؤولين بمديرية الزراعة وشركة مطاحن مصر العليا لمعاناة واستغاثات المربين. حيث كادت غالبية منازل الفلاحين من مركز طما شمالاً حتى مركز البلينا جنوبًا تخلو من المواشي؛ بسبب الارتفاعات الجنونية لمتطلبات تربية المواشي، خاصة بعد قرار تعويم الجنيه، الذي صاحبته زيادة جنونية في الأعلاف والردة والأدوية والمستلزمات البيطرية. شهدت أسعار الردة ارتفاعًا جنونيًّا، فخلال الأسبوع الجاري وصل الطن إلى أربعة آلاف و500 جنيه، بعد أن كان في العام قبل الماضي ألفًا و500 جنيه، وهو ما ترتب عليه ارتفاع أسعار الأعلاف، حيث وصل سعر طن العلف درجة ثانية (الكسب) والذي يصنع في بعض المصانع الخاصة إلى ألفين و 300 جنيه بدلاً من ألف و300 جنيه العام الماضي، وذلك لدخول الردة في عملية تصنيعه. محمد عبد الرحيم، تاجر مواشي، قال إن تربية المواشي بكافة أنواعها من الأبقار والجاموس والأغنام والماعز والجمال أصبحت مشروعًا غير مربح، في ظل غلاء أسعار الأعلاف والذرة الشامية والذرة الرفيعة والفول الخاصين بعمليات التسمين، مضيفًا أن المربي الذي يقوم بعملية حسابية للمواشي التي يربيها في منزله، يجدها تخسر، ولا تحقق ربحًا، على عكس ما كانت عليه تربية المواشي سابقًا. وطالب يسري عيسى، أحد المزارعين، وزارة الزراعة بالتنسيق مع وزارة التموين وشركات المطاحن؛ لتخفيض أسعار الردة؛ باعتبارها الأساس في تربية وتسمين الماشية، وتقديم مصلحة الفلاحين ومربي الماشية على المصالح الشخصية، مؤكدًا أنه في حال انخفاض تكاليف تربية الماشية سوف تنخفض أسعار اللحوم وكل منتج من عمليات تربية الماشية. مصدر بشركة مطاحن مصر العليا قال ل "البديل" إن القائمين على المطاحن هم من يرفعون أسعار الردة، خاصة أنهم هم القائمون على عمليات تحديد أسعارها بما يتماشى مع احتياجات السوق من العرض والطلب، وبما يحقق لهم فوائد وأرباحًا ومرتبات مرتفعة، في تجاهل تام لأي اعتبارات أخرى، من غضب المربين والمزارعين، خاصة أنهم ليست عليهم رقابة تحجم عمليات الرفع الجنوني غير المعقول في أسعار الردة؛ بحجة أن المطاحن تتبع الشركات وليس وزارة التموين، مضيفًا "من مصلحة القائمين على المطاحن أن تخضع أسعار الردة وتحديدها لهم وليس لوزارة التموين"، موضحًا أن الردة لو خضعت للتموين لتأثرت دخول كافة العاملين بشركات المطاحن، مشيرًا إلى أن أسعار الردة في شركة مطاحن مصر العليا أعلى مقارنة بغيرها من شركات المطاحن في القاهرة والدلتا أو الوجه البحري. وعن دور مديرية الزراعة في توفير الردة للمزارعين ومربي الماشية بأسعار مخفضة أكدت الدكتورة أمل إسماعيل، وكيل وزارة الزراعة بسوهاج، أنه ليس لمديرية الزراعة دور في تخفيض أسعار الردة، وإنما دورها يتمثل في تقديم تعاقدات الفلاحين أصحاب الحيازات الزراعية لشركة المطاحن؛ لاعتمادها وصرف الردة بأسعار أقل نسبيًّا من أسعار السوق الحرة. من جانبه قال المحاسب عبد القادر السيد، العضو المنتدب المالي والتجاري لشركة مطاحن مصر العليا، إن ارتفاع أسعار الردة يرجع لعدة أسباب، منها تراجع حجم الكميات المستوردة من الخارج بعد قرار تعويم الجنيه المصري، وقلة الطلب على الدقيق الفاخر استخراج 72 %، الذي ينتج من عمليات طحنه 28 % ردة، وزيادة الطلب على الدقيق البلدي استخراج 82 %، والذي ينتج عن عمليات طحنه 18 % ردة، وعدم توافر العليقة الخضراء في فصل الصيف. وأضاف العضو المنتدب في تصريحات خاصة ل "البديل" أن قرار وزارة الزراعة بإعادة مشروع البتلو سوف يساهم في تخفيض أسعار الردة إلى حوالي 500 جنيه عن الأسعار الحالية، من خلال تسليم الردة المدعمة، وسوف يسهم هذا في تخفيض أسعار اللحوم، موضحًا أن أسعار الردة حرة غير مرتبطة بسعر محدد، وأن وزارة التموين تعلم ذلك. وأشار السيد إلى أن سعر توريد طن الردة بالمطاحن الآن أصبح 3 آلاف و850 جنيهًا ، لافتًا إلى أن تجار السوق السوداء هم من يقومون بالتلاعب في أسعار الردة، فضلاً عما يقومون به من إضافات وخلط زوائد، مثل السرسة، تقلل من جودة منتج الردة.