أثار اعتراف التحالف الدولي مؤخرًا بقتل العديد من المدنيين بالخطأ في سورياوالعراق، منذ بدء مهام حملته ضد تنظيم داعش الإرهابي، جدلا واسعًا، لاسيما وأن هذا الاعتراف لم يصاحبه الإعلان عن فتح أي تحقيق بشأن هذه التجاوزات. وقالت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" الجمعة، إن التحالف الدولي قتل "بالخطأ" 484 مدنيا منذ عام 2014 وحتى أبريل الماضي، غير أن ناشطين يؤكدون أن هذه الأرقام المعلنة قد تكون أقل بكثير من العدد الحقيقي للضحايا، وأن الآلاف من المدنيين قضوا خلال حملة التحالف في سورياالعراق. هذا الملف أثير مؤخرًا على خلفية مقتل أكثر من 43 شخصًا بينهم أطفال، لقوا مصرعهم جراء غارة جوية نفذها طيران التحالف الدولي، على حي الجميلي في مدينة الرقة السورية التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي، الأمر الذي أشعل غضبًا واسعًا داخل الأوساط السورية، وطرح سؤالًا حول إمكانية إجراء تحقيقات عن الحادثة أم سينتهي غلق الأمر بذلك. وبينما يشكل الاعتراف الأمريكي إدانة واضحة لواشنطن لما تنفذه طائرات التحالف من انتهاكات بحق المدنيين في سورياوالعراق، يشكك مراقبون في الأرقام التي يتم الإعلان عنها، وطالب الناشط الحقوقي فايز علي، في تصريحات سابقة له، الجيش الأمريكي بالاعتذار وتعويض المتضررين من هذه الضربات، مؤكدًا أنه في حال عدم نظر الجيش الأمريكي للشكاوى، يتوجب على المنظمات رفع دعاوى قضائية في المحاكم الأمريكية. لم تكن حادثة حي الجميلي الأولى من نوعها، حيث تتكرر هذه الحوادث في الفترة الأخيرة بصورة مفجعة، لا سيما في العراق لكن جميعها تدخل في طي الكتمان، كما حصل في الموصل والمجزرة الشهيرة المروعة التي أودت بحياة مئات المدنيين في 17 مارس الماضي، حيث شنت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة غارات على أحياء الموصل في الجانب الغربي من مدينة الموصل، أدت الغارات إلى مقتل أكثر من 300 شخص جميعهم مدنيون، وتعتبر هذه الغارات الأشد فتكًا بالمدنيين من بين جميع العمليات الجوية التي نفذها الجيش الأمريكي منذ غزو العراق عام 2003. من جانبه أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية في العراق في وقت سابق، حسن سالم، ضرورة طرح قتل المدنيين بالعراقوسوريا للنقاش داخل اللجنة، مشددًا على ضرورة إصدار قرار برلماني يدعو الحكومة العراقية لمقاضاة الجيش الأمريكي ومطالبته بتعويض الضحايا والمتضررين، واعتبر أن هذا ليس خطأ عسكريا، قائلًا إن «ما تعتبره أمريكا أخطاء عسكرية نحن على يقين بأنها تصرفات مقصودة لدعم ذراعها تنظيم داعش بالمنطقة، وهي جزء من الإرهاب الأمريكي بالمنطقة الذي لمسناه بتهريبهم لقيادات إرهابية وغض النظر عن تحركات تلك المجاميع وإلقائهم الأسلحة والأغذية لهم في مناسبات عدة». من جانبها قالت مؤسسة «إير وورز»، الدولية المحايدة، إن طائرات التحالف الأمريكي شنت ما يزيد على 21 ألف غارة على العراقوسوريا منذ بدأ التحالف ضرباته ضد جماعة داعش أغسطس 2014، كانت حصة العراق منها أكثر من 12 ألف غارة، بينما نالت سوريا ما يزيد على 8 آلاف غارة، وإن العدد التقريبي من المدنيين الذين راحوا ضحايا تلك الغارات وصل إلى 3164 شخصًا، وهو ما يؤكد كذب ادعاءات واشنطن حيال تلك المجازر، والتي كانت تقول إن سياستها تجنيب المدنيين.