الثقافة والفن انعكاس لما يدور داخل المجتمع، فأغلب الأحداث التاريخية والسياسية تم تجسيدها على لسان الشعراء والفنانين، لأن الكلمات أصدق تعبير عما يدور بداخلنا. ومنذ قديم الأزل كانت تنشد الأغاني والقصائد الحماسية التي تبث العزيمة في نفوس الجنود، وكانت الأغاني في ثورة 25 يناير هي الوقود الذي يحرك الجميع وخاصة الأغاني القديمة التي نجحت في التعبير عن الأحداث ورسم صورة مجسدة للواقع المعيش. بقرة حاحا «ناح النواح والنواحة.. على بقرة حاحا النطاحة.. والبقرة حلوب حاحا.. تحلب قنطار حاحا.. لكن مسلوب حاحا.. من أهل الدار حاحا.. والدار بصحاب حاحا.. وحداشر باب حاحا.. غير السراديب حاحا.. وجحور الديب حاحا.. و بيبان الدار حاحا.. واقفين زنهار.. حاحا». تلك الكلمات التي كتبها الشاعر الثائر أحمد فؤاد نجم، بعد نكسة 67، تعليقا منه على هزيمة مصر، ولحنها وغناها الشيخ إمام، أعادت غناءها الفنانة عزة بلبع، أثناء ثورة 25 يناير داخل ميدان التحرير، فتلك الكلمات كان لها أثر بالغ في أحداث الثورة وكانت معبرة عما يدور من أحداث وكأنها كتبت لتعبر عن حال مصر وقت ثورة يناير 2011، فكلمات القصيدة تدل على أن نهب مصر مستمر منذ قديم الأزل. منرضاش «مين العاقل فينا مين المجنون.. مين اللي مدبوح من الألم.. مين اللي ظالم فينا مين مظلوم.. مين اللي ما يعرفش غير كلمة نعم.. مين اللي محنيلك خضار الفلاحين غلابة.. مين اللي محنيلك عمار عمالك الطيابة.. مين اللي بيبيع الضمير مين يشتري مين يشتري بيه الدمار.. مين هو صاحب المسألة والمشكلة والحكاية والقلم» هذه الأغنية التي قام بغنائها المطرب محمد منير، ضمن أحداث فيلم «حدوتة مصرية» للمخرج يوسف شاهين عام 1982، وكانت أول أغنية تعترض عليها الرقابة وقامت بحذف مقطع منها هو «يا ناس يا ناس يا مكبوتة.. هي دي الحدوتة» لاعتبارات سياسية، ولدت الأغنية من جديد خلال اعتصام ال18 يوما قبل رحيل مبارك في 11 فبراير 2011، وكان يتغنى بها الجميع لأن كلماتها الأكثر تعبيراً عن الأحداث التي شهدتها مصر فى تلك الفترة. يا بيوت السويس «يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى.. استشهد تحتك وتعيشي إنتِ.. أستشهد والله وييجى التاني.. فداكِ وفدا أهلي وأوطاني.. وأموت يا صاحبي.. قوم خد مكانى.. دي بلدنا حالفة.. ما تعيش غير حرة». تلك الكلمات كتبها الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، ولحنها إبراهيم رجب، وغناها محمد حمام، الذي لم يكن يعلم بأن هذه الأغنية سوف تكون شاهدة على ثورة الشباب في 25 يناير ويتغنى بها كل مصري يعشق تراب بلاده ويريد أن يضحى بنفسه لكي تبقى مصر حرة ضد أي استعمار أو استغلال. مصر ياما يا بهية «يسبق كلامنا سلامنا يطوف ع السامعين معنا.. عصفور محندق يزقزق كلام موزون وله معنى.. عن الأرض سمرا وقمرا.. وضفه ونهر ومراكب.. ورفاق مسيرة عسيرة وصورة حشد ومواكب.. ف عيون صبية بهية عليها الكلمة والمعنى.. مصر يا امّة يا بهية يا ام طرحة وجلابية.. الزمن شاب وانتي شابة هو رايح وانتي جاية.. جاية فوق الصعب ماشية فات عليكي ليل ومية» هي كلمات أحمد فؤاد نجم ولحن وغناء الشيخ إمام، أنتجت عام 1984، ولكن على ما يبدو أن ثورة 25 يناير وميدان التحرير ربطوا بين أغاني الشيخ إمام والثورة، فكان الشباب يستمدون حماسهم من الأغاني الثورية وكلمات نجم الصائبة، والتي تعبر عن كل الأزمان، وهناك العديد من الأغاني التي ترددت فى الثورة للشيخ إمام وخاصة الوطنية منها: "يا مصر قومي وشدي الحيل، الله حي، جيفارا مات"، فكان الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم، الذين لاحقتهما الأجهزة الأمنية كثيرا وسجنوا بسبب الغناء، من أبطال الثورة.