قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن عادة "تحية العلم" ارتبطت عند الناس بحب الأوطان، فصارت بذلك وسيلة عامة للتعبير عن حب الأوطان وإظهار الانتماء، وقد تقرر في قواعد الشريعة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإذا كان حب الوطن مِن المطلوبات الشرعية، فإن وسيلتَه الجائزةَ في أصلها تكون كذلك مشروعة. جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض علي فضائية صدي البلد، اليوم الجمعة. وأضاف مفتي الجمهورية أن السلام الوطني الشأن فيه هو الشأن في العلم، من حيث كون كل منهما رمزًا، والوقوف عند عزفه ليس المراد منه إلا إظهار الاحترام والتقدير والإكرام لما يُمَثِّلُه، وهو الوطن، مضيفًا أن حب الوطن أمر قد جُبِل عليه الإنسان، ثم إن هذه الممارسات والأفعال هي مما ارتبط عند الناس بحب الأوطان، وتواضعوا علي دلالتها علي ذلك، فصارت بذلك وسيلة عامة للتعبير عن حب الأوطان وإظهار الانتماء وتأكيد الولاء، وقد تقرر في قواعد الشريعة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإذا كان حب الوطن مِن المطلوبات الشرعية كما هو متقرر في أدلة الشريعة فإن وسيلتَه الجائزةَ في أصلها تكون كذلك مشروعة مطلوبة، ويتأكد ذلك إذا كان عدمُ القيام أمارةً عند الناس علي عدم الاحترام. وأشار المفتي إلي أن المسلم الذي يُحَيِّي العَلَمَ أو يقوم للسلام الوطني الشأنُ فيه أنه لا يخطر بباله التشبه بغير المسلمين، فضلًا عن قصده، فمن الأصول الشرعية اعتبار قصد المكلف، وأن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قد ورد عنه أنه اتخذ الرايات والألوية والأعلام، وعقد عليه المحَدِّثون أبوابًا في كتبهم، من ذلك: "سنن أبي داود" (باب في الرايات والألوية)، و"سنن الترمذي" (باب ما جاء في الألوية)، و"سنن البيهقي" (باب ما جاء في عقد الألوية والرايات)، ونحوه. وعن الدلالة الرمزية للأعلام والرايات، أوضح فضيلته أنه قد جرتِ العادة بأن يعمد العدو إلي ضرب حامل الراية وإسقاطه قبل غيره، ليثبط من عزيمة الجيش، فمتي كان العَلَم مرفوعًا كان ذلك دالًّا علي العزة والقوة والصمود، ومتي نُكِّس وسقط كان ذلك دالًّا علي الهزيمة والذل والانكسار، وفي المقابل كان حامله يحرص علي إبقائه مرفوعًا، ولو بذل في سبيل ذلك نفسه وروحه، لا لخصوص تعظيم القماش، بل لما يرمز إليه، وقد روي الإمام البخاري في "صحيحه" عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ -يعني: في غزوة مؤتة-، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ وَإِنَّ عَيْنَيْ رَسُولِ اللهِ صلي الله عليه وسلم لَتَذْرِفَانِ ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ».