القرارات المتلاحقة لحظر تطبيق التراسل الفوري التركي "بيب" في عشرات الدول منذ ظهوره في الرابع عشر من أغسطس للعام 2013، جاءت بعد إدراك مخاطره التي تهدد خصوصية المستخدمين، وبعد التحقق من مشاركة بيانات المستخدمين مع مزودي الخدمات وشركائهم لأهداف وغايات أمنية وسياسية وتجارية، ولم يحقق التطبيق أهداف النظام الحاكم خلال سبع سنوات، بسبب فشل القائمين على تطويره في إغلاق ثغراته المتكررة التي كانت ولا تزال بابًا مفتوحًا لهواة القرصنة والاختراق. في بداية الأسبوع الثاني من يناير 2021، أطلق النظام الحاكم في تركيا حملة إعلامية إعلانية للترويج لتطبيق "بيب" بادعاء أنه متفرد في خواصه وأنه البديل الآمن لتطبيق "واتساب"، واندفع مئات الآلاف من المخدوعين بشعارات "أردوغان" إلى التسجيل في التطبيق الهزيل، بعد أن أعلن المكتب الإعلامي لرئيس النظام الحاكم بأنه سيغادر تطبيق "واتساب"؛ بسبب سياسة الخصوصية الجديدة التي تراجع عنها لاحقًا. وفي الثاني عشر من يناير 2021، أعلن رجب أردوغان، عن إطلاق قناته على "تيليجرام"، ثم أعلن عن إطلاق قناته على "بيب" لأنه يدرك ويعلم أن محاولات الانتقال بالتطبيق من المحلية إلى العالمية تواجه عقبات الحظر والمنع في عشرات الدول التي استشعرت مخاطر استخدام التطبيق المشبوه، ومنها "روسيا والصين وهونج كونج وإيران والهند وتايلاند وباكستان وإندونيسيا"، وانضمت دول عربية إلى قائمة الحكومات التي قررت حماية شعوبها من مخاطر التجسس التركي باستخدام مثل هذا التطبيق. وبعد أيام من الاستجابة للحملة الإعلامية الإعلانية، والقفزة العارضة لأعداد المستخدمين، كان التراجع عن التسجيل والبحث عن تطبيقات بديلة هو الحل، بسبب الكثير من العقبات التي عبرت عنها رسائل وتعليقات المستخدمين وجميعها تتلخص في عدم استقبال رسائل التحقق عبر الهاتف عند التسجيل في التطبيق، بالإضافة إلى توقف التطبيق بشكل مفاجئ لمن تمكنوا من التسجيل باستخدام برامج تخطي الحظر في الدول التي فرضت قيودًا مُشددة على استخدامه. وقال أحد المستخدمين: "طبعًا متأكد ما رح ييجيني رد على هالتعليق من المطورين.. المشكلة إنه لما ثبته طلب مني الموافقة على بنود الخصوصية وسياسة الاستخدام.. لكن هذه الصفحة لا تفتح .. يعني بدك توافق بدون ما تقرأ"، وحذر آخر من التطبيق وأوضح أنه بعد تنزيله وإدخال رقم الهاتف تمكن من الحصول على رمز التحقق؛ لكنه لم يتمكن من استخدامه وجاءته رسالة تفيد أنه لا يستطيع الوصول إلى الخادم ، وقال ثالث من دولة عربية: "التطبيق لا يعمل بعد تسجيل رقم الهاتف والرمز المكون من 5 أرقام"، وأضاف: "ظهرت لي رسالة تقول إنه لا يمكنكم الوصول إلى الخوادم ولا يوجد نافذة للخروج واضطررت لإغلاقه من الهاتف". وأُصيب التطبيق التركي بنيران صديقة أطلقها موقع "الجزيرة نت" ومعه مواقع إخبارية تابعة وموالية للنظام الحاكم في قطر، وجاءت المعلومات سمومًا مدسوسة في العسل داخل تقرير ظاهره الترويج للتطبيق وبين سطوره ضربات قاتلة، وأكد موقع "الجزيرة نت" : أن التطبيق يجمع الكثير من المعلومات الخاصة بالمستخدمين، ومع أنه يذكر أنها لغايات تسهيل تقديم الخدمات، إلا أنه يذكر أيضًا أنه يشارك هذه المعلومات مع "مزودي الخدمات الآخرين وشركائهم"، كما يذكر بشكل واضح أنها تستخدم لغايات "التسويق المباشر وغير المباشر"، وأضاف: "وهذا يعني أن (ترك سيل) بحكم أنها الشركة الأم للتطبيق كما هي الحال لفيسبوك مع "واتساب"، فإن عندها الإذن من المستخدم لمشاركة معلوماته مع شركائها التجاريين والتقنيين". وأكد تقرير "الجزيرة نت" أن المعلومات التي يجمعها تطبيق "بيب" أكبر بكثير من الواتساب؛ "حيث تحتوي على البيانات المنسوخة احتياطيًا، مثل الصور والفيديوهات التي يمكن تخزينها على النظام"، وكشف الموقع أن "ترك سيل" من حقها ربط المستخدمين الذين لديهم حسابات لدى الشركة التركية للاتصالات بأي تطبيقات أخرى، وذكر الموقع أن التطبيق لا يستخدم تقنية التشفير من الطرف للطرف (End to End encryption)، وهو ما يعطيه القدرة على جمع المعلومات الخاصة الواردة في محتوى محادثات المستخدمين. ويعترف القائمون على تطوير التطبيق التركي أنه يجمع المعلومات التالية: 1- قائمة جهات الاتصال وأرقام الهواتف والتفاصيل ذات الصلة المخزنة على جهاز المستخدم واسم المستخدم (الحقيقي والمستعار) ومشغل "جي إس إم" (GSM) وكلمات المرور المستخدمة للحفاظ على أمان التطبيق. 2 - البيانات الفنية للرسائل، وأوقات التشغيل، ونوع الخدمات المستخدمة، وآخر وصول للتطبيق. 3 - الاسم المستعار وصورة الملف الشخصي ومعلومات الحالة والأرقام المحظورة ، وبيانات عن نتائج الاستطلاعات التي أجريت من خلال التطبيق. 4 - بيانات الجهاز، ونظام تشغيل الجهاز، ولغة الهاتف المفضلة، والمعلومات المتعلقة بالمشغل، ومعلومات عن مواقع المستخدمين. 5 - البيانات المتعلقة بنوع الاتصال والمكالمات والرسائل الفورية من حيث المدة والوقت والنوع والأطراف وجهات الاتصال. 6 – بيانات ومحتوى النسخ الاحتياطي. وقد اعترفت الشركة التركية المطورة للتطبيق أنه يتم تخزين جميع بيانات المستخدمين في مراكز بيانات (ترك سيل) في تركيا، وزعمت الشركة أن التخزين يتم في خوادمها بتشفير عالي الأمان.. وهذا يعني أن جميع بيانات المستخدمين تصبح تحت تصرف المخابرات التركية، وأن كل محادثة عبر التطبيق يتم رصدها وقراءة محتوياتها، واستخدامها بما يحقق أهداف نظام "أردوغان".