انتشرت في الآونة الأخيرة بعض الظواهر التى جعلت البعض ممن هم فوق الأربعين ربيعاً يشعرون بالغربة داخل المجتمع، ومن بين هذه الظواهر ظاهرة اختيار أسماء غريبة للمواليد، خصوصاً الإناث منهم، وتسابق الناس في اختيار الغريب و العجيب من الأسماء غير معلومة المعنى وربما صعبة النطق أيضاً، ليس فى المدن وحسب بل تعدى الأمر إلى القرى الريفية، وهي موضة غريبة انتشرت في مجتمعنا ولا ندري لها مبرراً، ولا منطقاً مفهوماً حيث أن أغلب تلك الأسماء يكون صعب النطق، أو ذا معنى غريب مشكوك فيه، لكن الآباء والأمهات لا يزالون يخترعون العجيب من أسماء البنات والصبية، ربما لخلق تميز ظاهري تعويضاً لعدم امكانية تحقيق تميز فعلي لهم. ومع انتشار تلك الظاهرة التقت "جريدة الأسبوع" بمجموعة من المواطنين لمعرفة أرائهم فى تلك الظاهرة.. يقول محمد عبد الله عبد الرزاق "مدرس 40 عاما": ظاهرة الأسماء الغريبة انتشرت بشكل مبالغ فيه وأنا شخصيا أرى أن هناك أسباب وراء ذلك، من بين هذه الأسباب أن الناس أدمنو الموضة فى الملابس قديماً ثم تطرقت الأمور لدرجة الموضة فى الطعام وانتشر الأمر حتى وصل إلى مرحلة الموضة فى التسمية، فأصبح الناس يبتعدون عن الأسماء التى اعتدنا عليها منذ الصغر وكأنهم يرونها موضة قديمة فأصبح الناس يستحون من الأسماء التى لها تاريخ بالضبط كاستحيائهم من ارتداء قميص موضته قديمه وكذلك يستحون من أكل الأطعمة اللذيذة التى أصبحت من وجهة نظرهم موضة قديمة حتى الأسماء بدأت النظرة إليها من منظور الموضة. وتابع عبد الرزاق، من الأسباب أيضا أننا أصبحنا نقلد دون ذرة من الوعى، فيسمى الواحد منا ابنه باسم جديد كنوع من الموضة، وللأسف كما يحب كل واحد منا أن تكون له سيارة فريدة فى شكلها فإنه يريد أن يكون اسم ابنه فريداً، وأحياناً تسأل شخصا ما عن سبب تسمية ابنه بهذا الإسم لا يستطيع الرد لأنه لا يملك معلومة. وعلى النقيض تقول فوزية وحيد "19 سنة": أصر والدى على تسميتى بهذا الاسم نسبة إلى إسم جدتى، وهو اسم قديم جداَ لكن المفارقة فى الموضوع أن إسم أختى التوأم اسم عصرى، فهذا الاسم فوزية عرضنى لكثير من المضيفات والسخرية من بعض زملائى فى المدرسة ومنذ فترة كبيرة وأنا ألح على والدى تغيير اسمى لكن ظروف عمله فى المعمار لا تسمح له بمتابعة اجراءات وتكاليف تغيير اسمى، لكن لو سمحت لى الفرصة لتغيير اسمى سأختار اسماً له أصل فى اللغة وذو معنى. بينما محمود حسن والد الطفلة "مايا" فيقول: حينما عرفت بأننى سارزق بطفلة استغرقت وقتاَ طويلاً فى البحث عن اسم متميز كى تنفرد به وحدها وبالتالى تشعر وسط أقرانها بالتميز، بينما جدها لوالدها فيقول لقد اعترضت على هذا الاسم الذى لا أعرف أصله ولا معناه، وكنت أتمنى أن يكون اسم حفيدتى إسم له أصل عربى لأننا عرب ويجب أن نعتز بعروبتنا. من جهته قال محمود عزت "الموظف بمصلحة الاحوال المدنية": كثرت الأسماء الغريبة والنادرة في المجتمع، فأصبح الكل يتسابق على البحث عن الأسماء المميزة، وتسمية أبنائه بها، كي ينفرد بالاسم دون الآخرين، كما أن البعض عندما يصل الى مرحلة عمرية معينة قد يخجل من اسمه إما لعدم وجود معنى واضح له، أو لكونه صفة غيرمحبذة أو وصفاً لبعض الكائنات الصحراوية، فيسعى جاهداً الى تغييره، إضافة إلى أن البعض يعمد إلى تغيير الاسم مواكبة للعصر الحديث، إذ أن الانسان ابن بيئته، وإسمه نتاج ثقافة هذه البيئة، فقد كان إنسان الصحراء يتفاءل ببعض الكائنات، أو المواسم، أو الامكنة فيحضر هذا التفاؤل في اسم المولود. بينما الشيخ محمد جمعة "امام وخطيب بأوقاف ميت غمر دقهلية" يقول: الاسلام أمرنا باختيار أسماء حسنة لابناءنا، والنبى عليه الصلاة والسلام قال خير الاسماء ما عبد وحمد، لكن المجتمع انسلخ عن عاداته وتقاليده وأفكاره وأصبح يقلد الغرب فى كل شئ من توافه الامور، وأكد أن اليهود لديهم عزة بهويتهم ولا يسمون أياً من أبنائهم بأسماء غير يهودية، مطالبا الجميع بالرجوع إلى هويتنا وثقافتنا التى تحدد ملامح شخصيتنا. وعن علاج هذه الأمر قال عاطف عميرة "مدير عام الثقافة بالدقهلية": هذه الظاهرة نتيجة لسلبيات العولمة، وعلاج هذا الأمر يحتاج إلى التأكيد على الهوية المصرية والشخصية المصرية المتمثلة فى العادات والتقاليد من خلال المسرحيات والافلام والأعمال الدرامية.