بعد مهلة ال 48 ساعة التي أعطتها القوات المسلحة لمكتب الإرشاد لتنفيذ مطالب الشعب كنت أتساءل ماذا سيعقبها؟، وأرد علي السؤال بسؤال آخر، هل سيلبي الفريق أول عبدالفتاح السيسي مطالب الشعب أم سيعطي مهلة أخري مثلها بسبب الضغط الأمريكي عليه، وكان الأمريكان يدافعون عن مشروعهم الذي يبدأ من عنده تفتيت المنطقة ككل، كانت "آن باترسون" السفيرة الأمريكية لدي القاهرة آنذاك في إجتماعات واتصالات شبه يوميه مع الطرفين من أجل حلحلة الموقف، تنذر السيسي أن اي قرار ضد إرادة الإدارة الأمريكية سينبئ بخطر محدق، وسيوقف - البنتاجون - المعونة العسكرية المقدرة ب 1,3 مليار دولار سنويا، ولم يلتفت السيسي إلي أي ضغوطات أو تهديدات حتي لو كانت بتريليونات الدولارات، فهو يعلم أن التاريخ من سيحاسبه، وإرادة الشعب ليس فوقها إرادة، وقبيل اللحظة الفارقة بساعات يوم إنتهاء المهلة المحددة حاول جون كيري وقف بيان السيسي المنتظر أو معرفة مايدور داخل إجتماع السيسي بالقوي السياسية والوطنية، وماسيعقبه من قرارات، فاتصل بمكتب وزير الدفاع محاولا التحدث مع السيسي، فأخبر مدير مكتب وزارة الدفاع السيسي بذلك فكان رده "قوله يسمع البيان مع جموع الشعب المصري والعالم" كانت الشوارع مكتظة بملايين البشر، تخطت أعدادهم أكثر من 30 مليونا تعلو حناجرهم بهتاف "يسقط يسقط حكم المرشد"، ينتظرون بيان القوات المسلحة بشغف يحدوه الارتياب والترقب، وكلما دخل في قلوبهم الإرتياب يتذكرون تاريخ أواصر العلاقة بين الجيش وشعبه الممتدة عبر ألاف السنين، وقبل عامين ففط كان الجيش حاميا للثورة والثوار، فيزدادون يقينا وإيمانا أن القوات المسلحة ستحقق مطالبهم، حتي أعلن السيسي في بيانه وفاة جماعة الإخوان الإرهابية إلي الأبد، موجها رسالته إلي أمريكا أن حلفائكم خرج ضدهم الشعب بالملايين فساندتهم القوات المسلحة، وأن مشروعكم قد فشل وسقط، ولا يملي أحد قراره علي هذا الشعب، فالشعب وحده هو سيد القرار، ومن هنا أنهي السيسي التبعية التي أنّت منها البلد عقودا، بينما في الجهة المقابلة - رابعة العدوية - كانو ينتظرون الأساطيل الحربية الأمريكية لحماية شرعيتهم كما يزعمون، بالرغم من أن أمريكا نفسها هي التي صدرت للمنطقة الفوضي بزعم أن الإرادة والشرعية للشعب وحده يعطيها لمن يشاء ويسلبها ممن يشاء! واهم من ظن أن نزول المصريين إلي الشوارع بالملايين في كل ميدان ونجع وقرية هو فقط إعتراضا علي الإنقطاع الدائم للتيار الكهربائي، أو نقما علي طوابير البنزين الممتده، ولغياب إستتباب الأمن في الشارع المصري، بل زحفت الملايين إلي الشوارع حفاظا علي هوية هذا البلد، محاولين إنقاذ تعريف حكم الدولة من دولة يحكمها الدستور والقانون إلي دولة يحكمها العنف والإرهاب، ومنعا لتفكيك مؤسسات الدولة كما حدث مع دول الجوار لتبقي مصر جمهورية موحدة يحميها جيش واحد ويحفظ أمنها الداخلي مؤسسة شرطية واحدة، ليضعوا أحلام أمريكا والمحتل العثماني تحت أقدامهم جثة هامدة لأنهم كانو يسعون إلي السيطرة علي الجيش والشرطة، فأقالوا المشير طنطاوي وعينو السيسي بدلا منه، ظنا منهم أن السيسي سيكون تحت تبعيتهم، وتم إختيارة ليس علي أساس كفاءته كرجل مخابرات حربية، بينما تم إختياره علي أساس أنه يصلي الفروض الخمس، ورجل متدين بطبعه كما قالو عنه، إلا أن أحلامهم ذهبت أدراج الرياح، لأن القوات المسلحة لاتلد غير الرجال، وإذا فشلو في السيطرة علي الجيش والشرطة فيبدأ العمل علي إنقلاب بعض الأفراد داخل المؤسستين، وعمل ميليشيات مسلحة موازية للمؤسستين، فيتناحران مع بعضهما ويتم تقسيم البلد إلي جيش وطني، وآخر وطني حر، وهو نفس الحال مع الشرطة المصرية، وهذا ماكان مكلف به خيرت الشاطر، لتكون مصر لقمة سائغة للمحتل العثماني والعالم الخارجي كحلبة تنافس يستعرض كل فيها عضلاته لنهب ثرواتها ومقدراتها كلما مرت الأيام والسنوات ونري مايحدث في المنطقة من تشرذم وتفتت نتباهي ونتفاخر بما صنعناه في 30 يونيو شعبا وجيشا، وواهم من ظن أن الخطر علينا قد زال، وأن ماأرادوه سابقا لن يسعوا إليه حاليا أو لاحقا، فتفتت وتشرذم المنطقة دون تفتت مصر أو إضعافها هو بمثابة خنجر في ظهورهم ستطعنهم به مصر وستجعله ينفذ من الناحية الأخري في الوقت المناسب، وهم يعلمون جيدا أن من يحكم القاهرة يحكم المنطقة ويتحكم فيها، إلاأنهم مازالوا لم يدركوا بعد أن القاهرة دوما عصية علي الإنكسار، وقاهرة أعدائها، وارجعو التاريخ إن كنتم لاتتذكرون!.