جريمة آثمة مكتملة الأركان تعكس العنصرية البغيضة التي دعمها الأرعن ترامب؛ إنها الجريمة التي وقعت في ولاية مانيسوتا في الخامس والعشرين من مايو الماضى، وراح ضحيتها "جورج فلويد" وهو أمريكى من أصول أفريقية.. اعتقلته الشرطة ليُطرح أرضًا، ويتم الضغط على عنقه لمدة ثمانِ دقائق. لم يستطع أن يتنفس ومن ثم ناشد الشرطى الذى يجثم عليه بأن يرفع ركبته عن عنقه، ولم يستجب الشرطى الأبيض له؛ فكان أن فارق الحياة... وفاة فلويد أشعلت المظاهرات في أكثر من 75 مدينة في أمريكا احتجاجًا على العنصرية البيضاء التي يقودها ترامب ضد ذوى البشرة السوداء. لم يأبه ترامب بما حدث للأمريكى الأسود، بل على العكس قام بتأييد الحملات ضد كل من تظاهر احتجاجًا على الجريمة. يغيب عن ترامب أن سياساته العنصرية ستلحق الدمار والانهيار بأمريكا، وقد تتطور المظاهرات إلى ثورة عارمة شاملة ضد عودة العنصرية في أبشع صورها على يد هذا الأرعن ترامب، وهو ما قد يقود إلى هزيمته في جولة الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجرى في نوفمبر القادم، وبالتالي سيُمنى بالهزيمة بحيث لن يحصل على بغيته في أن يظفر بولاية ثانية في البيت الأبيض. إنه ترامب الذى جاء ليكمل الصورة القبيحة للجرائم الأمريكية التي تجسَّدت فيما فعلته الولاياتالمتحدة مع الهنود الحمر، وما فعلته عندما ألقت أول قنبلة نووية على اليابان، وما فعلته في حربها في فيتنام وأفغانستان، وغزوها للعراق فى 2003م، وفى تدخلها الغاشم في سوريا، وليبيا، واليمن، وغيرها. إنها أمريكا التي أقامت حضارتها على جماجم البشر، وعلى اعتناق مبدأ السيادة للجنس الأبيض، إنها العنصرية التي اصطادت السود والملونين ليصبحوا وقودها، وهو ما أكد أن ما يشاع عما تروج له أمريكا من امتلاكها للديمقراطية والعدالة والحريات للجميع مجرد شعارات جوفاء لا وجود لها على أرض الواقع. إنها أمريكا الآثمة التي سلطت جرائمها على عالمنا العربى والإسلامى، وجاء ترامب اليوم ليزيد الأمور وطأة عبر قراراته الداخلية والخارجية غير المسؤولة والتي تسببت في تدهور صورة أمريكا. غابت عن أمريكا قيم العدل والإنصاف والمساواة ورغم ذلك ما فتئت تطالعنا بشعارات حقوق الإنسان رغم أنها أكبر منتهك لها في الداخل والخارج معًا، بل إن عنصرية أمريكا تنعكس على كل السياسات التي تنسجها، والنموذج يتمثل في مؤامراتها ضد القضية الفلسطينية، ودعمها للكيان الصهيوني الغاصب، وبذلك أثبتت أمريكا أنها الدولة الأحادية القطبية في العنصرية البغيضة والاضطهاد وليس في التقدم والرقى وإعلاء الذات. مقتل "فلويد" ليس الأول من نوعه، فلقد تعددت جرائم القتل للسود على يد الشرطة ليلقى نحو 1014 حتفهم في العام الماضى وحده، والغريب أن تتم تبرئة القتلة في نهاية المطاف. ولهذا بات من المتوقع ألا تصدر أحكام على الشرطى الذى قتل "فلويد" غيلة، رغم أن التقرير الرسمي لتشريح الجثمان أكد أن الوفاة حدثت نتيجة توقف عضلة القلب أثناء عملية الاعتقال، وأن فلويد تعرض لعملية خنق بسبب الضغط على العنق والظهر مما أدى إلى منع وصول الأكسجين إلى المخ ووفاته بإسفكسيا الخنق، ولهذا كانت سيارة الإسعاف بالنسبة له مجرد سيارة لنقل الموتى. وتظل الجريمة مؤشرًا على تنامى العنف والتطرف والتمييز في المجتمع الأمريكي ضد الأقليات، وعلى رأسها الأقلية السوداء، ومؤشرًا على أن العنصرية ما زالت في أمريكا رغم مرور أكثر من 150 عامًا على قانون تحرير العبيد الذى وقعه الرئيس الأمريكي الأسبق "إبراهام لينكولن"، ولا أدل على ذلك من أن المواطن الأمريكي الأسود ما زال يتعرض للتمييز من قبل مؤسسة الشرطة الأمريكية، وأن العديد من مؤسسات الدولة ما زالت ترزح تحت التمييز وظروف الحياة القاسية.