حذر مشاركون في الاجتماع الحادي والثلاثين لمجلس العمل المشترك المنعقد بالبحرين برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي ولي العهد من أن الحروب القادمة ستكون علي مصادر المياه وليس النفط أو شيء آخر، داعين إلي ترشيد الاستهلاك حول العالم عامة، وفي منطقة الخليج العربي خاصة التي تشهد اضمحلالا في مصادر المياه الجوفية مقابل نمو سكاني كبير. ودعا المشاركون في الاجتماع بجلستهم الصباحية اليوم، تحت عنوان 'المياه وروابط الطاقة' إلي المزيد من التنسيق الدولي لإيجاد حلول لمشكلة نقص المياه عبر تسهيل نقل التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال من ألمانيا تحديدا إلي دول العالم الثالث والقيام بحملات وعي عبر الأممالمتحدة وإجراء المزيد من الأبحاث عن الأمن الغذائي والزراعة التي تستهلك نحو 80% من المياه حول العالم. وذكر أحد المشاركين، وهو عمل في مجال أبحاث الطاقة بالولاياتالمتحده ل 27 عاما، أن الغرب تمكن من تطوير أدوات تمكنه من التنبؤ بمستقبل المياه، وهذه الأدوات التي تستخدم حاليا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير معروف مدي دقتها، لافتا إلي أن معظم المناقشات الدولية حول استخدام المياه لا يحضرها الشركاء الحقيقيون وهم المزارعون الذين يستهلكون 80% من المياه، ودعا إلي إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في مجال ترشيد استخدام المياه. ولفت المشاركون، وهم من الخبراء الدوليين في مجال الطاقة، إلي أنه خلال العقد الأخير كان النقاش يدور حول قضيتين أساسيتين هما الخشية من نضوب النفط والتغيير المناخي، لكن بعد أن أزمة عام 2008 الاقتصادية لم يعد أحد يلتفت لذلك كثيرا، وأكدوا ضرورة إعادة تقييم سياسات التغيير المناخي التي فشلت حتي الآن، خاصة بعدما تبين أن الأهداف التي وضعت كانت حالمة ومكلفة للغاية. وأشار المشاركون ألي تنامي الحاجة لمعالجة نقص الطاقة آلذي يؤثر علي الاحتياجات البشريه والنمو، لافتين إلي أن التغطية الكهربائية غير متاحة ل 55% من سكان الدول ذات الدخل المنخفض فيما لا يحصل نحو 1.3 مليار شخص حول العالم علي الطاقة كما يجب. كما أشار المشاركون في مداخلاتهم إلي أن مفهوم 'أمن الطاقة' تطور كثيرا في السنوات الأخيرة، واستطاع تجاوز الأزمات العالمية وأصبح أكثر مرونة مما كان عليه قبل 15 أو 20 سنة، حيث أن سعر النفط لم يتذبذب كثيرا إزاء الاضطرابات السياسية التي حدثت عام 2011 وأدت لخروج نحو 11% من النفط العالمي من السوق، وإزاء إعصار تسونامي في اليابان الذي شل جزءا كبيرا من انتاجها من الطاقة النووية، والأعاصير التي ضرب الولاياتالمتحدة. وتخلل الجلسة عرضا لأرقام وبيانات وروسم غرافيكية حول مصادر الطاقة من النفط والغاز حول العالم وما هي التوقعات المستقبلية للانتاج والاستهلاك والأسعار، وأشارت الدراسات المعروضة إلي أن تصدير النفط من الشرق الأوسط سيزيد بشكل مستمر وثابت، حيث أن وكالة الطاقة تتوقع زيادة انتاج الخليج من 25 مليون برميل يوميا إلي 35 مليونا. ولفت المشاركون إلي أن المشكلة الأساس الآن هي إيجاد آلية لمعرفة ما ستكون عليه أسعار النفط خلال السنوات العشر القادمة علي الأقل، ما سيمكن الدول المنتجة والمصدرة من رسم سياساتها الاقتصادية بدقة وتجنب التأثيرات السلبية لتذبذب الأسعار بالنسبة للطرفين، وخاصة بالنسبة للدول المصدرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعتمد بشكل كامل تقريبا علي تصدير النفط والغاز، مشيرين إلي أن سجل التنبؤ في مجال أسعار الطاقة ضعيف وغير صائب. وأشار المشاركون إلي أن الولاياتالمتحدة كانت من أكبر مستوردي النفط حول العالم، بمعدل 12 مليون برميل يوميا خلال العقد الماضي، وفي عام 2012 هبط هذا الاستيراد إلي سبعة ملايين برميل، ومن المتوقع أن يصل إلي ستة ملايين برميل نهاية العام الجاري، كذلك تخفض الصين والهند استهلاكهما من الطاقة التقليدية وتبحثان عن بدائل، ودعوا إلي رسم سياسيات واضحة في هذا الشأن عبر منظمة أوبك. ولمواجهة ما قد يترتب علي ضعف الطلب علي النفط، أكد المشاركون أن المخرج الوحيد أمام الدول المصدرة هو تنويع الاقتصاد بما يؤدي إلي تنويع مصادر الدخل، خاصة وأن صناعات النفط والغاز لا تستطيع بمفردها توليد وظائف تستوعب أعداد الشباب الوافدين بازدياد إلي سوق العمل. ولفت المشاركون إلي أن الاكتشافات الجديدة في مجال الطاقة وخاصة اكتشافات الغاز قبالة سواحل لبنان وفلسطين وقبرص يمكن أن تلعب دورا في تحقيق تفاهم ما بين هذه الدول يمكنها من البدء بعمليات الاستخراج والتصدير وتقاسم الثروات بدل أن تسود الأطماع والحروب. وحظيت مناقشة دور التكنولولوجيا الحديثة في رفع كفاءة استكشاف مصادر الطاقة واستخراجها ونقلها واستهلاكها حول العالم بحيز واسع من النقاشات، وجري استعراض تجارب عالمية عديدة في هذا الصدد. وأشار أحد المشاركين في مداخلته إلي أن سوق الطاقة اليوم متوازن ويحقق العدالة بالنسبة للمصدرين والمستوردين، لافتا إلي أن احتياطيات النفط تضاعفت ثلاث مرات خلال العقد الماضي وأصبح توليد الطاقة من المصادر البديلة كالرياح والشمس أكثر جدوي، ومقابل ذلك زاد طلب الاقتصاديات الناشئة علي الطاقة، وهذا ما حفظ السوق توازنه، وقال أن الأسعار العالمية للنفط والغاز التي كانت تشكل قلقا للمنتجين والمستهلكين أصحبت الآن أكثر شفافية.