من جديد مضى أردوغان فى إسقاط الشرعية الدولية وتعدى الحدود وحاد عن الطريق المستقيم عندما اجتاح الأراضى السورية بذريعة إنشاء منطقة آمنة. ومؤخرا هاله ما حققه الجيش العربى السورى من تقدم مكنه من السيطرة على عدد من المدن الاستراتيجية السورية. مضى أردوغان فى غيه وتحدى اتفاقه مع روسيا عندما دخل عنوة فى الشمال السورى وانخرط فى معارك ضد القوات السورية، بل وقامت قواته بقصف أحياء حلب بالصواريخ والقذائف؛ ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وفى معرض الرد بدأ الجيش السورى وبدعم روسى عملية عسكرية فى ريف حلب الغربى وقام بتوسيع نطاق سيطرته على حساب الجماعات المسلحة فى ريف إدلب الجنوبى. وعندئذ اجترأ أردوغان على الحق وطالب بوقف العملية العسكرية فورًا!! بيد أن الموقف تطور عندما سيطر الجيش السورى على مدينة ( خان شيخون) وتقدم نحو ( سراقب) وسيطر على ( خان طومان) فى محاولة منه لانهاء تواجد المجموعات المسلحة بالكامل فى منطقة ريف حلب. أما تركيا فلقد أصابها التوجس خشية أن يعمل الجيش العربى السورى على التوغل وبشكل أكبر فى الشمال تنفيذًا لما أعلنته سوريا من أنها معنية بتحرير كل شبر من أراضيها. سارع أردوغان فصعد الموقف فى محاولة منه لعرقلة تقدم الجيش السورى، فكان أن سمح لفصائل تابعة له بالتوجه إلى الجبهات والتنسيق مع جبهة النصرة والمجموعات الإرهابية وتقديم الدعم لها من أجل صد التقدم السورى، فأسقط بذلك الاتفاق الذى وقعه مع روسيا ويقضى بتصنيف هؤلاء كإرهابيين ينبغى تطويقهم. وعلى النقيض قام أردوغان بشن هجمات مضادة ضد نقاط يتمركز فيها الجيش العربى السورى، وتمكنت المجموعات المسلحة من السيطرة على قرى فى ريف حلب. وإمعانا فى تصعيد الموقف حرك أردوغان فصائل «درع الفرات»، و«غصن الزيتون» انطلاقا من مدينة «الباب» لفتح محور قتال ضد الجيش العربى السورى بشكل مفاجئ. وهى المرة الأولى التى يلجأ فيها إلى ذلك بعد أن تعهد لروسيا بأن مهمة هذه القوات تنحصر فى قتال القوات الكردية، وأنها لن تخوض أى مواجهة مباشرة مع الجيش السورى. وكرد فعل على خرق أردوغان لاتفاقه قامت روسيا ولأول مرة بقصف «عفرين»، و«جرابلس» مما يعنى أن القطب الروسى صنف الفصائل التركية على أنها إرهابية مثلها فى ذلك مثل جبهة النصرة والحزب الاسلامى التركستانى وغيرها من الجماعات الإرهابية. إنه أردوغان الذى خرج عن منطوق التنسيق مع روسيا واجترأ وأرسل قواته إلى الحدود السورية، وزاد من نقاط المراقبة العسكرية حول «سراقب» خشية من سقوطها فى يد الجيش العربى السورى بعد أن أصبح على مشارفها. بيد أن الجيش السورى نجح فى تطويق إحدى نقاط المراقبة قرب مدينة «معرة النعمان»، وقام بقصف موقع آخر قرب سراقب؛ مما أدى إلى مقتل ثمانية جنود أتراك وجرح تسعة. وهكذا بات تحدى كل طرف للآخر فى الشمال السورى هو سيد الموقف بعد أن تعطلت كل التفاهمات الروسية التركية على أرض الواقع ليحل محلها فرض الإرادة والتصعيد العسكرى المتواصل. ولقد كان من حق الجيش السورى أن يقدم على ما فعل، فالأرض أرضه ومن حقه الدفاع عنها فيما إذا تعرضت للارهاب والاحتلال، وبالتالى من حقه مجابهة الإرهاب الذى تقوده تركيا والذى يستهدف المس بالأمن القومى لسوريا لا سيما بعد أن خرجت تركيا عن الجادة وعربدت فى الأرض السورية، وبعد أن مضى أردوغان الأحمق فى غلوائه غير عابئ بما قد تسفر عنه تحركاته الظلامية فى الأرض السورية من تداعيات كارثية وعواقب وخيمة ستحل به. بل إن سوءات هذا الأخطبوط ستنعكس بالسلب على تركيا فى نهاية المطاف.....