الأسرة هى النواة التى يتوقف عليها أى تطور وتقدم للمجتمع، وهى من تدفع لهذا المجتمع بكل الكوادر والكفاءات البشرية التى تسهم فى نهضته وتقدمه، وأيضا هي التى إذا اعوجت تسببت لهذا المجتمع فى مشكلات لاحصر لها، ومن هنا كان التركيز على سلامة بناء الاسرة هو أحد الأهداف الرئيسة فى المجتمعات التى أحرزت تقدما فى تحسين وتطوير الأداء الاقتصادي والاجتماعي. ولعل ما تعانيه الأسرة المصرية من كثرة الضغوط الحياتية والمعيشية، كان سببا فى كثير من المشكلات الاجتماعية التى فرضت نفسها على المجتمع مؤخرا، كما أن هذه الضغوط، قد تزايدت بشكل كبير؛ نتيجة لخطة الاصلاح الاقتصادي والتى عاني الكثير من آثارها الكبيرة على مستوى معيشة المواطنين، بالطبع فإن هناك مشكلات تتوارثها الاجيال مثل البطالة والعنوسة والزواج المبكر والعادات والتقاليد البالية، غير أن هذه المشكلات أو قل الأزمات زادت وتفاقمت هى الأخرى، بشكل ينذر بخطر كبير على تماسك بنيان الأسرة. هناك جوانب كثيرة تحتاج إلى اصلاح، كما أنها تحتاج ايضا إلى خطط واضحة المعالم وجدول زمني للقضاء عليها، فالاسرة التى تنفق معظم ميزانيتها على تعليم الابناء بسبب تردى مستوى التعليم حتى فى المدارس الخاصة باهظة المصروفات تضطر إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية للخروج من مأزق ضعف مستوى التعليم، وهى نفس الاسرة التى يتخرج الابناء فيها من الجامعات ولايجدون فرصا فى العمل تتناسب مع ما أنفقه عليهم الاباء، وبالتالي إما أن يرضي الشاب بالراتب الضئيل، أو أن ينضم إلى طابور العاطلين عن العمل. قضية الزواج المبكر هى كذلك ظاهرة يترتب عليها الكثير من المشكلات، بدءا من تحدى القانون الذى يحدد 18عاما لزواج الفتاه ومرورا بقضايا اثبات النسب وضياع حقوق الزوجة المترتبة على الزواج العرفي، وبالرغم من كل الجهود التى تبذل فى هذا الاتجاه، إلا أن جميعها لم يحدث أى أثر فى انخفاض تنامي هذه الظاهرة، أيضا فإن العادات والتقاليد التى تفرض شروطا أصبحت قاسية جدا على كثير من الاسر، باتت هى الاخرى عاملا مهما فى ارتفاع سن زواج الشباب وعنوسة الفتيات، ذلك لأن المغالاة فى تأثيث منزل الزوجية، ترهق الاسر فى تدبير نفقات مهر وشبكة وأشياء كثيرة مبالغ فيها من قبيل المفاخرة والتباهي، الأمر الذى يتسبب فى استدانة غير القادرين، وهو ايضا احد اسباب تزايد اعداد الغارمين والغارمات. الأسرة المصرية تحتاج إلى الدعم والمؤازرة ويجب ألا تترك فى مهب رياح التغيير والتقلبات الاجتماعية والاقتصادية، لأننا إذا لم نوفر لها المساندة الكاملة، فإننا لن نتحمل تبعات ذلك على المجتمع.