منذ أيام تداولت وسائل الإعلام تصريحات معالى وزير الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم بشأن بدء مبادرة صنايعية مصر للتدريب المهنى والحرفى - تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس السيسى - للحفاظ على الحرف التقليدية والتراثية كأعمال النحاس، الأركيت، الخزف، الحلى، الصدف، والخيامية من خلال دورات للمبتدئين، وأخرى لرفع كفاءة الحرفيين. ولا شك أن هذه المبادرة تعد تفعيلاً لواحدة من أهم مهام وزارة الثقافة، وهى إعادة إحياء الحرف التراثية الإبداعية لحماية الهوية الثقافية مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة بخلق فرص عمل ومشروعات صغيرة تؤهل لفتح أسواق جديدة اعتمادا على منتج مصرى متميز يتم استثماره لتحقيق عائد اقتصادى يسهم فى تنفيذ الخطط التنموية الشاملة. فالثقافة لم تعد تعنى فقط الفنون الرفيعة من أدب وموسيقى وتمثيل بل تشمل كل ما يساهم فى تشكيل ثقافة المجتمع وصون هويته. إن النهج الجديد الذى تتبعه وزارة الثقافة يعلن بوضوح الاهتمام بالمنتج المحلى كأساس لحماية الهوية المصرية. ولا شك أن هذه الاستراتيجية الثقافية ستنعكس تلقائيا على مجالات أخرى وخاصة المجال السياحى، فالسائح أثناء رحلته لا يبحث عن المنتجات المشابهة لإنتاج بلده؛ لكنه يلهث وراء كل ما هو غريب عن ثقافته، ليحمل ذكرى مميزة، ينظر إليها فتنقله ذهنيا إلى بلد الصنع، وبالتالى يهتم بالمنتجات الوطنية الغارقة فى المحلية، مثل ثوب السارى والمنتجات الرخامية المجسدة للأفيال وتاج محل (الهند)، مجسمات برج ايفل (فرنسا)، الحقائب الخشبية وحلوى التوفى بنكهاتها الغريبة (جنوب افريقيا)، القبقاب الخشبى-الكلوج (هولندا)، الزى التقليدى (المغرب وتونس)، الدمية الخشبية ماتريوشكا (روسيا)، بينوكيو (إيطاليا)، الضفدع الخشبى جالب الحظ (تايلاند)، مراوح يد راقصات الفلامنكو (إسبانيا)، مظلة البامبو والورق (اليابان)، ومنتجات الخيامية ومجسمات الآثار المصرية وورق البردى فى مصر، وغيرها. ومعنى ذلك أن التميز العالمى لن يحدث سوى بدعم الحرف التقليدية المتفردة المتوارثة من الأجداد، وتنشئة أجيال جديدة من الحرفيين المبدعين تحمل شعلة التراث المصرى وتضمن استمراره وحمايته من الانقراض ليظل رمزا للجمال والاتقان والإبداع المصري. إن الإرث الثقافى الحامل لكل إبداع محلى متقن هو الطريق لتتبوأ مصر المكانة التى تستحقها بين دول العالم.