فقدت مصر مؤخرا الدكتور أحمد كمال أبو المجد العالم الجليل وأستاذ القانون اللامع. عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وعضو المجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية بالأردن، وعضو أكاديمية المملكة المغربية وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والتشريع، ومفوض شؤون حوار الحضارات بالجامعة العربية والمنظمة العربية لحقوق الانسان. ويعد من أبرز المفكرين السياسيين والقانونيين. شغل من قبل وزارة الاعلام ووزارة الشباب. إنه العالم الذى تعددت رؤاه فى أكثر من قضية واجهتها الأمة الإسلامية. كان- رحمه الله- وطنيا صادقا وسياسيا من طراز نادر يدلى بدلوه فى كل القضايا التى تمر بها المنطقة. تعددت رؤاه إزاء قضايا المنطقة، وكانت له تقييماته بالنسبة لما يدور فيها من أحداث. كان الدكتور كمال أبو المجد من أكبر القامات القانونية فى مصر. التقيته أكثر من مرة عبر حوارت أجريتها معه. فى أواخر عام 98 هاله الدور الخسيس الذى تقوم به الولاياتالمتحدة ضد العراق بعد أن رفعت أمريكا راية العدوان وشنت هجوما عسكريا ضاريا على العراق الدولة التى كانت تتضور جوعا لأكثر من ثمانى سنوات من جراء الحصار الظالم الذى فرضته أمريكا عليها. يومها رأى الدكتور أبو المجد أن هذا يتخذ مثالا على الخلل الشديد فى النظام العالمى والذى سمح لدولة أن تهيمن على كل الهياكل التنظيمية للنظام العالمى القديم لتصبح الهياكل التنظيمية أشباحا أو كالأشباح. واستمر الدكتور أبو المجد فى موقفه ضد أمريكا فأدان غزوها لأرض الرافدين فى مارس 2003 وهو الغزو الذى تم بذرائع كاذبة. يومها حمل على أمريكا وما تمخض عنه غزوها من كوارث حلت بالبشر والحجر، وهو الغزو الذى كان السبب الرئيسى فى زرع نبتة الإرهاب ممثلة فى تنظيم داعش. حمل الدكتور أبو المجد أيضا على العالم العربى ووجه له اللوم لالتزامه الصمت حيال التحركات الأمريكية فى المنطقة، ووصف العرب بالعجز، فهم من جرد نفسه من كل سلاح بما فيه سلاح توحد الكلمة، ولهذا أصبح هذا العصر من أسوأ العصور للوصول إلى تسوية عادلة فى أى قضية كانت. حدثنى الدكتور أبو المجد عن العولمة كأمر عارض، وكيف أن قضية حقوق الانسان سابقة على العولمة وسابقة على اكتشاف الولاياتالمتحدة نفسها. ولكن ورغم ذلك تظل قضية حقوق الانسان بمثابة أمر عارض. وحمل على أمريكا موقفها من القدس وتغيير جغرافيتها إلى الحد الذى انتهى باعتراف ترامب بكونها عاصمة دولة إسرائيل الأبدية وهو ما أقره فى الإعلان الذى أصدره فى السادس من ديسمبر 2017، وهو ما رآه الدكتور أبو المجد مخالفا لكل القوانين وكل القرارات الدولية. وفى الوقت نفسه حمل الدكتور كمال أبو المجد على إسرائيل كثيرا لسياستها وتشريعها لقانون الجنسية والذى أثبت للعالم أننا نواجه نظاما عنصريا استبداديا، وكيف أن ما يسمى بصفقة القرن التى تعكف الولاياتالمتحدة حاليا على صياغتها والتحضير لها توطئة لاصدارها وفرضها على المنطقة هى التى أعطت الدعم لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو وشجعته على أن يمضى قدما فى عدوانه على الأراضى العربية، ويكفى ما تم من خلالها فى الخامس والعشرين من مارس الماضى عندما أصدر ترامب أمرا تنفيذبا اعترف فيه بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية. وللحديث بقية.