استيقظ العالم يوم 25 مارس 2019 على خبر اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بسيادة إسرائيل على الجولان السورية!! وأصيبت معظم الدول بصدمة جراء هذا التحدى الصارخ للأعراف الدولية، وأعلنت رفضها لقرار ترامب منددة بانتهاك القانون الدولى. ولا شك أن هذا المرسوم الذى وقعه ترامب بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يعد تجاهلا واضحا لقواعد النظام الدولى، واختراقا لميثاق الأممالمتحدة، واستفزازا للعرب وكل الدول الداعية للسلام. ومن دواعى الأسى أن يتزامن هذا مع الذكرى ال40 لتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية!! تلك المعاهدة التى أبرمها الرئيس محمد انور السادات مع اسرائيل بحضور الرئيس الأمريكى جيمى كارتر (26مارس1979) كخطوة فى مسار السلام الذى اختاره السادات دربا بعد انتصار مصر فى أكتوبر1973. ذلك الطريق الذى بدأه بجملة أعلنها عام1977 أثناء خطابه بمجلس الشعب (ستدهش إسرائيل حينما تسمعنى الآن أقول أمامكم أننى مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته، ومناقشتهم)، فاعتقد البعض – كما ذكر السادات فى خطابه بالكنيست – أنها مجرد مناورة كلامية للاستهلاك المحلى أمام الرأى العام العالمى، ووصفه البعض الآخر بأنه تكتيك سياسى يخفى نواياه فى شن حرب جديدة!! وقد انتهز بيجين الفرصة، ووجه الدعوة للسادات لزيارة اسرائيل، فاستجاب الرئيس الجرئ. ثم تعاقبت خطوات السلام بإبرام اتفاقية كامب ديفيد (سبتمبر1978) وسط معارضة وغضب واحتجاج عارم من كافة الدول العربية - خاصة العراق وسوريا وفلسطين- أدى إلى نقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس، ثم تعليق عضوية مصر بالجامعة العربية منذ عام 1979حتى1989، مع اتخاذ قرار بمقاطعة مصر بعد رفض السادات العدول عن اتفاقه مع اسرائيل من أجل السلام. وقد تتفق أو تختلف الآراء حول هذه المعاهدة، لكن لا أحد يمكنه إنكار أنها كانت سببا فى وقف الحرب بين البلدين، واسترجاع كافة الأراضي المصرية المحتلة وآخرها طابا التى تم استردادها فى 19مارس1989حين رفع الرئيس مبارك علم مصر معلنا للعالم أن (لا مساومة على السيادة المصرية، ولا تنازل عن أى جزء من أرض الوطن). لقد أثبت التاريخ خطأ الموقف العربى – حينئذ - الرافض لرسالة السلام التى حملها السادات، وأثبت أن البطل الذى حارب فانتصر، ثم جنح للسلام، ومات شهيدا برصاصات الخونة، كان جديرا بجائزة نوبل للسلام، واستحق كذلك أن ينسب إليه فضل عودة كل شبر محتل من أرض مصر. قد يختلف الساسة والمحللون المتخصصون فى آرائهم تجاه رؤية السادات، لكننى كمواطنة مصرية أؤمن أن كلماته التى زلزلت العالم بأكمله (املأوا الأرض والفضاء بتسابيح السلام، املأوا الصدور والقلوب بآمال السلام) نبراس كان ينبغى على الجميع الاسترشاد به، والاقتداء بخطوات البطل المصرى حتى لا يعلو صوت البكاء من أجل القدس تارة، والانتحاب لضياع الجولان المحتلة منذ 1967تارة أخرى !!