الأمومة معنى وليست كلمة، أساس وليست لفظا، حياة وليست نداء، فالأم هى البصمة الأولى فى حياة كل إنسان. فلا غرابة فى قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن سأله (من أحق الناس بحسن صحابتى؟ أمك ثم أمك ثم امك ثم أبوك). ولا غرو أن تخص الدولة الأم بيوم لتكريمها، ولا عجب أن يختار كل ابن أمه لتكون أما مثالية، ولا عجب أيضا أن نجد الأنبياء أصحاب الرسالات الكبرى قد نشأوا فى رعاية أمهاتهم، فقد ولد النبى موسى عليه السلام ووالده لا يعرف إذا كان على قيد الحياة أم قتل مع غيره من بنى اسرائيل. وعيسى عليه السلام ولد بدون أب، فميلاده كان معجزة من الرب. ثم ولد الرسول محمد عليه افضل الصلاة والسلام يتيما. إن الأنبياء الثلاثة قد ولدوا فى كنف أمهاتهم اللاتى كان لهن دورا كبيرا فى حياة أبنائهن. فأم موسى لم تفقد أمومتها قط، ارتعدت حينما علمت ببحث فرعون وأنصاره عن المواليد الجدد لقتلهم، لكنها لم تلقه فى اليم إلا بعد أن طمأنها ربها فتيقنت أنه فى حماية الله ورعايته، وبالرغم من ايمانها بذلك لم تكتف بالقائه فى البحر بل أرسلت أخته لتعلم مستقر الصندوق، ويشاء المولى عز وجل أن يمتنع الرضيع عن المرضعات جميعهن، ولا يقبل إلا بأمه التى أخفت أمومتها عن الناس أجمعين خوفا عليه. ثم بدأ دور أم عيسى بعد ميلاده مباشرة، فلم تفكر فى التخلص منه خشية الفضيحة، وآمنت أن الله سيظهر حقيقة مولد ابنها، فذهبت به إلى أهلها رغم عدم رؤية أحد لها أثناء ولادته، ولم تقف أمومتها عند هذا الحد بل ثبت أنها تنقلت به من مكان لآخر حينما علمت بنية قتله، ويقال أنها هاجرت به إلى مصر، وذاقت الآلام وتحملت المشاق فى سبيل ألا تفرط بابنها. أما السيدة آمنة أم الرسول (ص) فقد آمنت أن ابنها سيكون ذا شأن عظيم، وأخبرت بذلك السيدة حليمة السعدية(مرضعة الرسول) حينما ردته إليها خوفا من حدوث مكروه له، ولكن شاء الله أن تموت وعمره 6 سنوات فلم ترى تحقق احساسها بشأنه العظيم. فى يوم الأم أهدى تحية حب واحترام وتقدير لكل أم لا تتوانى عن التضحية من أجل أبنائها، وتؤثرهم على كل متع الدنيا، كل أم حقيقية -فليست الأم هى فقط من تلد - تربى وتؤدب وتعلم وترعى، وصدق الشاعر حافظ ابراهيم حينما قال الأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق. تحية لكل أم مصرية أصيلة تسعى لتنشئة اطفالها على القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة، ورحمة الله على كل أم سبقت أبناءها إلى الجنة. وكل سنة وأنتى بخير يا أمى، واسمحى لى أن أغني لكى كالمعتاد بصوت مدوي (دعوتك بلسم جروحى، ضحكتك بترد روحى، يا أمى، يا أمى، يا أمى)