رحم الله ضحايا حادث القطار، مازالت مشاهد النيران المشتعلة بالضحايا عالقة فى الأذهان، لا حديث فى الشارع المصرى إلا عن الحادث، وفى انتظار ما ستكشف عنه التحقيقات توقفت طويلا أمام بعض النقاط، أولها تلك المشاجرة التافهة التى نشبت بين السائقين بسبب احتكاك قاطرتيهما، وكأنهما يقودان (تكاتك) فى حارة ضيقة!! وذلك السائق الذى ترك قاطرته بكل حماقة دون اتخاذ احتياطات الأمان سعيا وراء توبيخ زميله!! شاهدته فى لقاء مع الابراشى، ولا أعلم كيف تم السبق الاعلامى مع شخص المفترض أنه رهن التحقيق!! تحمل ردوده كما هائلا من الاستهتار والبرود اللامتناهى، والتهوين من إهماله الذى أدى لتلك الكارثة – إن صدق أنه خطأ غير مقصود -والاستهانة بنتائجه المروعة!! لم يبد أى خجل أو ذرة ندم أو إحساس بالألم لما آل إليه مصير إنسان مات محترقا!! هذا الذى تسبب فى حزن ملايين المصريين أطل عليهم عبر الشاشات بابتسامة ساخرة مثيرة للغثيان، فى حالة نادرة من التبلد وعدم المسئولية مستفزا مشاعر شعب بأكمله. أقر بالتشاجر وتحرك القاطرة والتحدث مع أحدهم (شخص مجهول) والذهاب لمنزله بنية العودة للعمل صباح اليوم التالى لكنه أصر على إنكار علمه بالحادث، وكأن التصادم والانفجار والاشتعال والموت كلها أمور تمت فى صمت ولم تثر انتباهه!! وكأن أسرته وجيرانه والمارة بالشوارع التى اجتازها فى مجرة أخرى، فلم يتحدث أحدهم عما حدث، ولم يصل إلى مسمعه أى خبر حتى تم القبض عليه. وقد ذكر أنه بلا عائلة ليستبق أى تساؤل عما اذا كانت أمه أو زوجته لم ينتابها – ككل مصرية تقليدية - أدنى قلق بشأنه حين علمت بحدوث انفجار بمكان عمله ولم تسارع بالاتصال به مثلما فعلت آلاف المصريات للاطمئنان على ذويهن!! لقد رأيت وراء هذا السلوك اضطرابا وخوفا يحاول اخفائه بادعاء الثبات الانفعالى الظاهرى، وظهر لى جليا - والمختصون النفسيون أكثر قدرة منى على استجلاء ما وراء هذا القناع – ادراكه التام لمسئوليته عن تلك الكارثة (سواء كان مخطئا مقصرا أو متعمدا متورطا) لكنه حاول اكتساب تعاطف الرأى العام بادعاء سوء حالة القاطرة، واعتراف لا مبالى بالتقصير، وتبرير واه بعجزه عن اتخاذ قرار سليم قبل اندفاعه للتشابك مع زميله بسبب (تعب أعصابه) وقت الاحتكاك!! وللمقال بقية ...