من الحقائق التى لا يمكن تجاهلها أن بلادنا العربية لديها ثروات هائلة متنوعة بشرية وطبيعية ..الخ وتتميز بمركز جغرافي يتوسط الشرق والغرب مما يجعلها فى موقع استراتيجى محورى، كما تجمع بينها لغة واحدة، بالإضافة للانتماء الى تاريخ مشترك، وكلها عوامل تعزز من فرص التقارب والتفاهم من أجل التعاون والتكامل بين العرب بالشكل المنشود لخلق قوة عربية مؤثرة فى الاقتصاد العالمى. فالتعاون العربى هو الخطوة الأولى فى درب التعاون الدولي، ولا يشترط أن يكون التعاون ثنائيا فقط بل يمكن أن تتعاون أكثر من دولة عربية معا فى مجال ما، فقد تملك إحدى الدول العمالة البشرية الماهرة وتملك أخرى مواد أولية والثالثة لديها رؤوس أموال والرابعة لديها امكانيات صناعة متطورة فالتعاون بين كل هذه الدول سيؤدى فى النهاية إلى ظهور منتج محلى عربى قادر على المنافسة. ويمكن اتخاذ الاتحاد الأوروبى كنموذج تعاون دولى نجح فى التغلب على عوائق الحدود واختلاف العملات ليصبح قوة اقتصادية لا يستهان بها، كذلك تجربة دول مجلس التعاون الخليجي التى نجحت فى تكوين نموذج مصغر لما هو مطلوب بين كافة الدول العربية. وأكرر أن التعاون العربى أساس للتعاون مع باقى دول العالم خاصة الأفريقية، فالدول الأفريقية بشكل عام سواء عربية أو غير ذلك تربطها روابط جغرافية وثقافية وتاريخية وحضارية وتجارية نتجت عن التفاعل الحضارى منذ زمن بعيد، كذلك تربط بينها تجارب مشتركة وسنوات من الكفاح ضد الاستعمار من أجل نيل الاستقلال، وكل هذه الروابط يسبقها روابط الجوار، مع قيم ومصالح مشتركة. ولعل مؤتمر القمة العربية الأفريقية الذى عقد بالقاهرة عام 1977 كان أول حدث منظم للتعاون العربى الأفريقى، بعده توالت وتضافرت الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الاقتصادى والثقافى والاستراتيجى ..الخ بين الدول العربية وأفريقيا، ولتحقيق الشراكة العربية الافريقية، ومازالت الجهود تبذل من أجل تحقيق التكامل فى شتى المجالات. ومما لا شك فيه أن مساحة قارة افريقيا التى تشغل أكثر من خمس مساحة اليابسة وعدد سكانها ومواردها المتنوعة، بالإضافة إلى مساحة الوطن العربى الممتد من المحيط للخليج وعدد سكانه، تجعل من اتحادهما معا قوة اقتصادية ضخمة ومنافسة لأوروبا وأمريكا اذا تم استغلال كل الإمكانات المتاحة بالشكل الأمثل خاصة انهما يمثلان سوقا نموذجيا من حيث اتساع رقعته وعدد المستهلكين. لقد عانت أفريقيا كثيرا عبر تاريخها من نهب ثرواتها واستنزاف مواردها بسبب سيطرة القوى الاستعمارية التى قسمتها إلى مناطق نفوذ بحدود مصطنعة خلقت أسبابا للخلاف والصراع بين دولها، ورغم الاستقلال ظلت الدول الأفريقية تعاني من التبعية بمحاولة استقطابها من الجانبين الأمريكي والسوفيتي مما أثر عليها سلبًا، وعلى الرغم من انهيار الاتحاد السوفيتي إلا أن أفريقيا مازالت محط أطماع العديد من القوى الدولية باعتبارها مصدرا للثروات الطبيعية والمواد الخام وسوقا تجاريا ضخما. وقد حاولت أفريقيا أن تتغلب على هذه الأوضاع فظهرت منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963(تحول اسمها عام 2002 إلى الاتحاد الأفريقى) كمحاولة لتحقيق الوحدة الأفريقية والتعاون السياسي، الاقتصادي، الثقافي، العلمي، الصحي، والأمني لكن تدهور الأوضاع الأمنية والصراعات الداخلية والثورات التي اجتاحت بعض دول القارة وقفت حاجزا منيعا أمام سبل التعاون. ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الأفريقى يسعى مع جامعة الدول العربية لتحقيق التعاون العربى الأفريقى. وحاليا ينظر الجميع إلى رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى كفرصة ينبغى اقتناصها لتحقيق هذا التعاون المنشود من خلال تفعيل استراتيجية التعاون العربي الأفريقى عبر كافة المحاور التى تعود بالنفع على كافة شعوب المنطقة العربية والأفريقية.