أرسل لى صديق مغترب رسالة معلقًا على مقال (فيها حاجة حلوة)، مشيدًا بوصفى لمشاعر المصريين خلال حفل خيرى بمهرجان طنطورة، مؤكدا تكرار شعوره بالفخر والتباهى أمام الرفاق بكونه مصريا أثناء حضور حفل أم كلثوم الذى أقامته المملكة باستخدام أحدث تقنيات هولوجراف Holography أو ما يسمى هولوجرام (تكوين صورة تجسيدية ثلاثية الأبعاد باستخدام اشعة الليزر)، واختتم رسالته بأن (مصر فيها حاجات كتير حلوة لكن أهلها لا يشعرون بقيمتها). إن الفن المصرى كان ومازال وسيلة التقارب بين الشعوب، فالأشقاء العرب متعطشون له، يتكبدون فى سبيله مشاق السفر وتكاليف طيران وإقامة، والآن يبدعون فى تسخير كافة الامكانيات للتمتع بليلة فن مصرية. وقد يبدو كمتعة بسيطة ومعتادة للمقيمين داخل مصر، لكنه يثير الشجن والحنين للأرض الطيبة لدى المغتربين عنها. إن مصر تملك ثروة إنسانية يندر وجودها فى أى مكان بالعالم، فهى موطن قاسم أمين وهدى شعراوى، ومصطفى محمود وحامد جوهر، والمشد ومشرفة وزويل والباز ويعقوب، وأرض الزعماء ناصر والسادات ومبارك والسيسى. تجدها بين سطور الطهطاوى والعقاد ومحفوظ وإحسان عبدالقدوس وطه حسين والسباعى ونبيل فاروق وأحمد خالد توفيق. وتعشق ضحكتها فى كلمات أنيس منصور وبهجت والسعدنى ورجب، وكوميديا اسماعيل ياسين والمهندس وعادل إمام. وتشعر بخشوعها مع أصوات رفعت والمنشاوى وعبدالباسط والحصرى وتفسير الشعراوى وعظات قداسة البابا، وتكبيرات العيد، وأجراس الكنائس، وامتزاج الابتهالات بالترانيم. وتهتز معها منتشيًا على نغمات الشريعى وخيرت وراجح، وتهيم بها عشقا فى أشعار رامى والأبنودى وجاهين، وتسمعها فى صوت سيد درويش، وأم كلثوم وعبدالوهاب وحليم وشادية ومنير وهانى شاكر وأنغام وخالد سليم. مصر هى عمر الشريف وفاتن ورشدى أباظة ونادية وسعاد وزكى رستم وأمينة رزق ومحمود مرسى وسناء جميل ونور الشريف وكريمة مختار والفخرانى. مصر التى جمعت العالم العربى لمتابعة آمال العمدة وسلوى حجازى وآمال فهمى وصفية المهندس ومفيد فوزى ونجوى إبراهيم وسناء منصور ومصطفى بكرى وأديب. وحفرت فى ذاكرة كل عربى دهليزًا يضم روائع السينما بجوار فوازير نيللى وشريهان، ألف ليلة وليلة، الشهد والدموع، ليالى الحلمية، الضوء الشارد، الدالى، مع عبارات (الراجل برعايته لبيته وأسرته)، (أرضك بتنده)، (حسنين ومحمدين)، (ادى ضهرك للترعة)، (النيل رواه والخير جواه)، (إن جاله جفاف اديله محلول)، (غمض عينيك وامشى بخفة ودلع)، (يا حلو صبح يا حلو طل) و(يا صباح الخير ياللى معانا)، وغيرها من العبارات والتفاصيل الصغيرة التى ساهمت فى تشكيل ذاكرة الشعوب. وغرست حب مصر فى القلوب. مصر التى أنجبت الخطيب وأبوتريكة وصلاح، وخلقت من الرياضة هوية قومية تحمل اسم الأهلى أو الزمالك مهما اختلف الانتماء وتعددت الأندية!! مصر التى لخص حبها أيمن بهجت قمر على لسان عاشقها الجسمى بجملة شهيرة (لو انتى مطلعة عينى.. بحبك موت). إنها مصر (أم الدنيا) وقلب العروبة النابض.