جمعتنى أمس جلسة باثنين من أساتذة الاقتصاد «الكبار» ودار الحديث حول تداعيات تعويم الجنيه على الفقراء، وعلى الاقتصاد المصرى فى حد ذاته، وعن خطة الاصلاح الاقتصادى وماترتب عليها من تداعيات، قال أحدهما إنه متفق تماما مع فكرة تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه، على أن يتم ذلك بالتزامن مع خطط للانتاج وتنمية المشروعات ودعم الصناعات، وروى قضية عايشها بنفسه فى الولاياتالمتحدةالامريكية، حيث كان الفارق شاسعا بين الحدين الادنى والاقصى للأجور، ولأن هذه الدول تعتمد على العلم فى معالجتها للامور، فقد استقدمت فريقا من الخبراء الاقتصاديين من كل دول العالم، وكان ثلاثة منهم من دول العالم النامي، وكان هو من بين أعضاء الفريق، وكان كل عضو من اعضاء الفريق يعمل بمعزل عن الاخر للخروج بتصورات لحل هذه الأزمة. يضيف الاستاذ أن ماحدث هو إجماع ثلاثة من أعضاء الفريق على رفع الحد الادنى للاجور وليس تخفيض الحد الاقصي، ذلك لأن عدد من يتقاضون الرواتب الأقل هم المضارون أكثر، وهم الشريحة الاكبر، وبناء عليه استقر الرأى على رفع الرواتب الادني، ولكن ماحدث هنا فى الاقتصاد المصري، أثر بشكل كبير على الفقراء، وقضى على قدراتهم على شراء مايحتاجون من سلع اساسية، وهو مايفتح الباب أمام انتشارجرائم السرقة، لأن من لايجد قوت يومه، لا نتصور ان يكون ملاكا. وهنا تدخل الاستاذ الثانى وقال إن المشكلة تكمن فى أن هناك الكثير من الكفاءات لا يتم وضعها فى المكان المناسب، بل لا يتم ترشيحها للعمل من الاساس، وتقوم الاختيارات على المعارف الشخصية وفقط، وتساءل: هل عدمنا القدرة على تشكيل فريق عمل يدير الاقتصاد المصري؟ وأجاب بالطبع لا، ولكن عدم وضع الكفاءات فى أماكنها هو ماخلق هذه المشكلة. وأضاف بقوله إننا لدينا مشكلة البيروقراطية داخل دواويين الوزارات، وهو مايعرقل عمل اى وزير، وبالتالى يستلزم الامر التخلى من عدوين للتقدم وهما الفساد الصغير لبعض الموظفين والروتين. تشخيص حالة الاقتصاد التى وضعها امامنا اثنان من القامات الكبيرة فى الاقتصاد، هو الحال الذى يدخلنا فى دوامات ارتفاع الاسعار وتأثيرها على المواطنين البسطاء، الذين يقفون وحدهم فى مواجهة الازمة، دون ان تراعى الحكومة الابعاد الاجتماعية الخطيرة لما يحدث. مطلوب من الحكومة مراعاة الشريحة العظمى من ابناء الشعب، وألا تتركهم نهبا للتجريب، وأن تنتبه إلى أن الخطط التى تتولاها يجب أن تكون مدروسة .