الهجرة تطلق فيلم «حلقة وصل» في إطار المبادرة الرئاسية «اتكلم عربي»    أكثر من 170 ألف فدان.. توريد 634 طن قمح لشون و صوامع سوهاج    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    ماكرون يؤكد سعيه لتجنب تصاعد العنف بين لبنان وإسرائيل    متحدثة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية: الموقف بغزة ما زال كارثيًا ومرعبا    بوكيتينو: لا يحتاج بالمر إثبات أي شيء أمام مانشستر سيتي    آينتراخت يتأخر بهدف أمام أوجسبورج في الشوط الأول    الأهلي يفوز على وفاق عين التوتة ببطولة كأس الكؤوس الإفريقية لليد    ماهو الذباب الصحراوي؟.. وبماذا حذرت خبراء الأرصاد الجوية للمواطنين    أخبار سوهاج اليوم.. سائق ميكروباص يمزق جسد طالب    الصور الأولى من حفل زفاف عبد الرحمن محمد فؤاد    مهرجان كان السينمائي الدولي يكشف عن ال«بوستر» الرسمي لدورته ال77    أحمد صيام ناعيا صلاح السعدني: شخصية عظيمة رفضت التغييرات التي طرأت على الفن وتنحى جانبا    عمارة : مدارس التعليم الفني مسؤولة عن تأهيل الخريج بجدارة لسوق العمل    لا يقتصر على السيدات.. عرض أزياء مميز ل «التلي» برعاية القومي للمرأة| صور    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    أخبار الأهلي : حقيقة مفاوضات الأهلي للتعاقد مع لاعب البنك فى الصيف    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بمحافظة الأقصر    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    ولاية ألمانية تلغي دعوة القنصل الإيراني إلى حفل بسبب الهجوم على إسرائيل    تسجيل أول سيارة بالشهر العقاري المتنقل في سوق بني سويف    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    محافظ الإسكندرية يدعو ضيوف مؤتمر الصحة لزيارة المعالم السياحية    عمل الحواوشي باللحمة في البيت بنفس نكهة وطعم حواوشي المحلات.. وصفة بسيطة وسهلة    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    متحف مفتوح بقلب القاهرة التاريخية| شارع الأشراف «بقيع مصر» مسار جديد لجذب محبى «آل البيت»    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    وفاة رئيس أرسنال السابق    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطار الموت وأرواح بلا ثمن.. نفس السيناريو.. نفس الأخطاء.. والفاعل مجهول!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 17 - 08 - 2017

أحاول الكتابة مرارًا، العبارات لا تسعفنى، الكلمات باهتة لا تستطيع أن تجسد المعنى، أشلاء مغموسة بالدم، صرخات مكتومة، خوف وفزع في عيون تحجرت الدموع فيها، فى دقائق تحول الوطن إلى مشهد جنائزى.
كان الخبر صادمًا، لكنه لم يكن جديدًا، لقد تعودنا على الموت المجانى، أرواح تزهق بلا ثمن، لا تسألنى كيف ولماذا، فمصر بلد العجائب، كأننا نرفض تعلم الدروس، ونتجاهل الأحداث ماضيها وحاضرها، ونصر على المضى فى طريق بلا نهاية، الموت عنوانه، والسبب مجهول الهوية.
فى أزمان سابقة، فقدنا الآلاف، نتاج حوادث القطارات الكارثية، أطلقنا التصريحات من مواقع الأحداث، هددنا، وتوعدنا، شكلنا لجانا لتقصى الحقائق، عاينت على الطبيعة واستمعت إلى شهود العيان، أطلقت صيحاتها من منصة البرلمان، أقسمت الحكومة والدموع تبلل وجنتيها، إنها المرة الأخيرة.
تدفقت المليارات إلى جيوب المقاولين والمستوردين، رسمنا خطط التطوير، استعنا ببيوت الخبرة الأجنبية، مضت السنوات، الزمن كفيل بالنسيان، انخرطنا فى خضم الحياة اليومية، عاد كل شىء إلي مجراه الطبيعى، وفجأة صحونا على كارثة جديدة.
ساعات قليلة، وكان السادة المسئولون يؤدون الواجب على الوجه الأكمل، اطلوا علينا من شاشات التلفاز من موقع الحدث، أى والله من موقع الحدث، اطلقوا كلماتهم الرنانة، قالوا لنا إنهم شكلوا اللجان الفنية، لمعرفة الأمر وحقيقته، لكن وزير النقل استبق الجميع، وقال إن الحدث هو نتاج خطأ بشرى.. إنها نفس اللغة، نفس المفردات، نفس الاتهامات، أسهل الأشياء وأن تطلق اتهامك الجاهز، المعلب، خطأ بشرى، يجب محاسبته، وإحالة المتسبب فيه إلى النيابة العامة.
إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل لابد من البحث عن ضحية، كبش فداء، نقدمه إلى الرأى العام حتى ينشغل ويهدأ وياحبذا لو كانت هناك بعض التفاصيل التى تلهى عن الحدث الأكبر، مثل «السائق ومساعده» قفزا من القطار وتركاه يصطدم بالقطار الآخر، سرعة القطار كانت على غير المعتاد، لأن صاحب حادث قطار المناشى، هو نفسه سائق هذا القطار، وفاة مستشار وزير النقل إحساسا بالذنب بعد أن رأى المشاهد والأشلاء!!
فى هذا اليوم انشغلت الفضائيات بالحدث، تقارير من الموقع توجع القلوب، شهود عيان، فتاوى تصدر من محللين وخبراء، وطلبات إحاطة تقدم إلى مجلس النواب، مطالبات بإقالة وزير النقل، والحكومة إن أمكن، وجوه تطل علينا من الشاشات، تندب حظ الوزير الذى هو ضحية لإهمال وزراء سابقين لهذا المرفق الحيوى، لجان الكترونية تنطلق بعضها يطالب بالإقالة والبعض الآخر يرى أن الأزمة أكبر من الوزير بل وأكبر من الحكومة ذاتها.
يتذكر البعض فجأة أحداثا سابقة، إنه نفس السيناريو، بكل تفصيلاته، نفس العبارات والاتهامات، بل ونفس الأسباب أيضا، التى أوصت لجان تقصى الحقائق بتلاشيها فى أوقات سابقة.
لقد سئم الناس من مسلسل الأكاذيب التى عمت حياتنا، كأننا لم نتعلم الدروس والعظات والعبر، جهاز إدارى خرب، استهتار بحياة الناس، ثقافة تتوارثها الأجيال عنوانها «القضاء والقدر»، هى محاولة للهروب من المسئولية، ومحاولة اقناع الناس بأن كل شىء مقدر ومكتوب، وكأنهم بذلك أبرياء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
بعد قليل، ينسى الناس الحدث، يحتفظون بالمشاهد للذكرى، ثم سرعان ما ينتهى كل شىء، نغوص فى مجريات الحياة ننخرط فى تفاصيلها، حتى نصحو على كارثة جديدة.
لا أظن أن هناك بلدًا، شهد مثل هذه الأحداث فى فترات زمنية متقاربة، وسيناريوهات متكررة كما شهدت مصر، إنه الابداع والتميز عن الآخرين، كأننا قد ابتلينا بهذه الأحداث، وأصبح الشفاء منها مستحيلاً.
لقد شهدت مصر فى فترات سابقة، أزمات ومشاكل وأحداثا يشيب لها الولدان، فوضى عارمة أعقبت أحداث 25 يناير، دمار وخراب وفساد وانفلات أخلاقى، تلتها ثورة عظيمة فى الثلاثين من يونيو، رفعت شعار «استرداد الدولة المصرية والحفاظ على هويتها».
لقد ظن البعض أننا قد أنجزنا المهمة باسترداد الدولة المخطوفة من عناصر الإخوان وانتهى الأمر، حققنا الانتصار، ونسى هؤلاء أن الفساد يعشش فى الحوارى والمدن والمؤسسات، وأن ثقافة اللامبالاة، لا تزال سائدة فى كل المجالات.
هل تعرفون السبب؟
إنه غياب العقاب الفاعل والقوى، الذى يردع بكل قوة ودون تردد، لو حدث ما حدث فى بلد مثل اليابان لانتحر المسئول قبل أن ينحر، ولو حدث فى الصين أو كوريا أو غيرهما لطارت الرؤوس المذنبة قبل أن تدلى بكلمة واحدة، أما نحن، فالمسامح كريم، والعقاب لن يعيد الأرواح التى أزهقت، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
لقد مللنا وهرمنا ونحن نتابع الأحداث كأنها مسلسل تليفزيونى، لا يريد أن ينتهى، لقد أصبح الناس على قناعة أن الوعود التى تطلق هدفها الاستهلاك وترحيل الأزمة، وأن التهديد بالحساب، سيكون ضحيته فى النهاية عامل الاشارة أو سائق القطار، وأن صفحة الحادث ستنتهى، انتظارًا لحدث جديد، تتكرر فيه ذات المشاهد، وتطل من بين ثناياه نفس الوجوه، لتؤكد لنا مجددًا، أن شيئًا لم يتغير ولن يتغير.
إنها ليست دعوة لليأس أو الاحباط أو التسليم بالأمر الواقع، بل هى محاولة لقراءة المشهد بتفصيلاته بعيدًا عن الضجيج الإعلامى، والكلمات المنمقة، والحرص على مشاعر هذا المسئول أو ذاك، بينما جثث ذوينا غارقة فى بحور من الدماء، تسأل.. إلى متى.. إلى متى.. إلى متى؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.