مرت علينا منذ أيام ذكرى العاشر من رمضان، ذلك التاريخ المحفور بحروف من نور فى ذاكرة المصريين يوم امتلكنا زمام المبادرة للانتقال من الهزيمة إلى النصر أو كما قال الرئيس السادات لنعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء، الرئيس السادات الذى قال عباراته الخالدة إنه «ربما جاء يوم نجلس فيه معًا لا لكى نتفاخر ونتباهى، ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلًا بعد جيل، قصة الكفاح ومشقة مرارة الهزيمة وآلامها، وحلاوة النصر وآماله. نعم سوف يجىء يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه.. وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره، كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء»..هذا اليوم الذى بشر به السادات قطعا لم يأت بعد وما زلنا فى مرحلة التفاخر والمباهاة، فى هذه الذكرى أيضًا وكما كل ذكرى لهذا اليوم المجيد يخرج علينا إعلامنا مع نفس الوجوه من العسكريين والخبراء والمحللين ليقصوا علينا ويتفاخروا ويتباهوا بم تم دون أن يحدثونا عن الدروس المستفادة، لم يطلعوا شبابنا على مذاق الهزيمة وآلام الانكسار، لم يخبروهم عن عظم الأمانة وشرف الكفاح وحلاوة الانتصار، وقعنا فى فخ التباهى والفخر طويلا دون أن نستخلص الدروس والعبر دون أن نعلم أولادنا جيلا بعد جيل كيف كان الليل طويلا والظلام دامسا ومع ذلك لم يفقد المصريون وقتها إيمانهم بطلوع الفجر، قضينا وقتا طويلا فى التباهى والتفاخر بماض عريق ورصيد حافل ولم ننشغل بصناعة المستقبل والإضافة إلى هذا الرصيد الذى استهلكناه أو كدنا، فاختل وضاعت معالم الطريق إلى المستقبل وسيطر الخوف والقلق إلى أن لاح بصيص الأمل من جديد بعد ثورتى مصر لكن البعض لا يزال مصرا على أن يعيدنا إلى المربع صفر، إلى ذات النقطة، إلى ذات الغمامة السوداء التى تحجب بصيص الأمل وتمنع بزوغ الفجر وتبعدنا عن جادة الطريق، بانتهاج ذات الأساليب وكأننا لا نستفيد من دروس الماضى القريب، لم تعد لدينا رفاهية التباهى ولم يعد رصيدنا يسمح، ولم يعد الوقت كافيا لإهدار المزيد، فقط علينا أن نستفيد بالوقت ونحلل ونأخذ الدروس والعبر لتساعدنا فى صناعة المستقبل، قبل العاشر من رمضان كان الليل طويلًا والظلام دامسا غير أن المصريين لم يفقدوا إيمانهم بطلوع الفجر، هذا هو الدرس الأهم «الأمل»، من المسئول عن الحفاظ على جذوة الأمل مشتعلة فى نفوس المصريين؟ لا شك انها مسئولية الدولة بالدرجة الأولى، فى العاشر من رمضان امتلكنا ولأول مرة زمام المبادرة أو المبادأة ومن يمتلكها يكون النصر حليفه، على الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة إن أرادت أن تنتصر فى معركتها الحالية وتعبر الجسر من اليأس إلى الرجاء أن تستعيد روح المبادرة وتبادر باقتحام المشكلات التى أدت إلى تقلص الأمل فى نفوس كثير من المصريين، عليها أن تفتح الطريق من جديد أمام نور الفجر وتتصدى بإنجازات حقيقية لمحترفى صناعة وتصدير اليأس.