انفجر صحفيو مصر غضبا وهتفوا من داخل مقر نقابتهم العريقة بالقاهرة " الداخلية بلطجية " وخرجوا بقرارات عدة في مقدمتها إقالة وزير الداخلية واعتذار الرئيس وفي نهايتها إعداد قائمة سوداء لأعداء الحرية لمخالفيهم الرأي من الصحفيين ، و تشكيل لجنة لإدارة الأزمة . نقابة الصحفيين غضبت وعند الغضب تغيب الحكمة وقد غابت..غابت الحكمة عن قرارات النقابة الغاضبة وإلا ما الحكمة من مطالبة النقابة باعتذار الرئيس عما لم يفعله وهو كما أشارت الحكم بين السلطات ، ما الحكمة من وضع الطرف الآخر أمام خيار وحيد وهو الرفض لأنه لو استجاب لضاعت هيبة الدولة ، أين الحكمة في إلقاء كل ما في جعبة الصحفيين مرة واحدة ؟ لو أرادات التصعيد ماذا يمكن أن تقدم النقابة ؟، هل من الحكمة أن تعلن النقابة ترحيبها بالدعم والتضامن من النقابات والمؤسسات الدولية والإقليمية المهتمة بمجال حرية الإعلام والصحافة ؟ هل تجهل النقابة الأصابع التي تحرك هذه الجهات ؟، هل من الحكمة أن تحجب أخبار وزارة الداخلية عن الصحافة؟ ، هل من الحكمة أن تهدد النقابة في حال عدم حل الأزمة بكشف تجاوزات الشرطة بحق المواطنين ؟ هل هذا الأمر مرتبط بحل مشكلتهم مع الداخلية ؟ هل كانت الصحافة تتستر من قبل عمدا على هذه التجاوزات؟، هل من الحكمة أن يكون بند تشكيل لجنة لإدارة الأزمة هو البند الأخير في تلك القرارات ؟ وهل من دلالة على ذلك ؟ ثمن الحرية غال و من حق الصحفيين أن يغضبوا انتصارا للحرية التي دفع الكثيرون ثمنا لها ، ولكن عند الغضب تمهلوا في اتخاذ قرارات حاسمة اتركوا فرصة للحل ، فقط أذكركم أن الطرف الآخر ليس تل أبيب وإنما القاهرة ، و وزارة الداخلية هي وزارة داخلية مصر إن كنتم لا تعلمون . ستنتهي المشكلة إن آجلا أو عاجلا ، لكن تبقى الدروس المستفادة لمن يريد الاستفادة من كل الأطراف ، عند الغضب تمهل قليلا ، ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ، و إذا ما غضبوا هم يغفرون .