مر 12 عامًا على اجتياح وغزو الجيش الأمريكى والبريطانى للعراق وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين بعد أن اتهمته أمريكا زورا وبهتانا عام2003 بتطوير أسلحة دمار شامل وافتراض علاقة مشبوهة له مع تنظيم القاعدة وهو ما ما تم عدم إثباته ثم نفيه فيما بعد، ومعه فقد وقعت العراق تحت سيطرة الاحتلال الأمريكى لسنوات تحول فيها العراق لبلاد يعمها الخراب والفوضى ومكان لكل إرهابيى العالم بعد أن كان دولة ذات مؤسسات قوية وكانت مقبلة على النهضة والتطور والعلم وخالية من الفتنة الطائفية والعشائرية ذات كيان قوى غير قابل للتقسيم، وهو الأمر الذى أزعج إسرائيل فى حينه مع كل من تركيا وإيران، فبعد صدام وبعد رحيل القوات الأمريكية ازداد العراق سوءا فى عهد حكومة المالكى بعد انتشار الفتنة الطائفية والفساد وتراجع الخدمات والبنى التحتية وحلم العراقيين نحو التقدم مع سيطرة تنظيم داعش الإرهابى على مساحات كبيرة من الأراضى العراقية وتعثر العراق ما بين الإصلاح والإرهاب حتى تخلف كثيرًا عن الركب العالمى الذى كان مؤهلًا له، وكل ذلك بعد غزو أمريكا بشكل غير شرعى وبغير قرار أممى حتى بينت لنا السنوات الكذبة الكبيرة والخدعة الأمريكية التى قضت من خلالها على العراق وجيشه ورئيسه وتركته مكانًا غير آمن يعج بالخراب والإرهابيين والعمليات التفجيرة والتفخيخات الانتحارية فى كل مكان، فكان ذلك بمثابة طعنة كبيرة فى جسد الدول العربية وتهديد أمنها القومى، وبعدها بسنوات وعام 2011 تكرر نفس السيناريو فى ليبيا وأثناء ثورتها عندما قرر الغرب عن طريق الناتو بالتحمس لإسقاط القذافى والتدخل فى شئون الثورة العراقية فى الوقت الذى كانت فيه ليبيا قوية ومليئة بالمشاريع والخدمات والبنى التحتية وكانت بلدا آمنا وتقوم بواجباتها الأمنية على سواحلها المتوسطية وحدودها وتمنع التهريب والهجرة على عكس ما نراه الآن من فوضى وإرهاب وصراع عشائرى وفكرى بين أبناء المدن الليبية ومكان للسلب والنهب وانتشار الخطف والقتل والإجرام وضياع مقدرات الدولة وانهيار مؤسساتها التى كانت تنعم بها فى عهد القذافى وهو ما ندمت عليه الدول الأوربية الآن وأقره الناتو بنفسه الذى اعترف بخطئه الفادح فى التدخل فى الشأن الليبى والتسبب فى مقتل الرئيس القذافى على أيدى الميلشيات الليبية التى تتقاتل فيما بينها الآن من أجل الصراع على السلطة ونسيان نسيج المجتمع الليبى ونهضة وعودة ليبيا من جديد وسط هذا الاقتتال ووجود تنظيم داعش وغيره على الأراضى الليبية وزيادة الهجرة عبر ليبيا إلى المتوسط وبما يهدد الأمن والسلم فى أوربا والبلدان المجاورة لليبيا وبلدان العالم، وكانت تلك الضربة الثانية للدول العربية بعد نجاح أمريكا والغرب فى خراب دولتين كبيرتين لنجد أنفسنا ومنذ ما يقارب الخمس سنوات داخل سيناريو ثالث هو السيناريو السورى الذى تصر فيه أمريكا وتحالفها الغربى بإسقاط الرئيس بشار الأسد معتمدين على ما يسمى بالمعارضة والجيش الحر والتنظيمات الإرهابية لإسقاط سوريا أى إسقاط رئيسها وجيشها ومؤسساتها وتركها للخراب والتقسيم والفوضى لتهديد الدول المجاورة وهو ما تسعى إليه تلك الدول من جديد، يحدث ذلك ومازالت دولنا العربية غير مكترسة بتلك الأحداث بسبب انقسام الرؤى والتوجهات تجاه تلك الأزمة الكبيرة التى تهدد الكيان العربى وتنذر بضعفه وتفككه وتقسيمه، فهل تضيع سوريا كما ضاعت العراق وليبيا بعد شنق صدام وقتل القذافى؟ هل نترك سوريا تتعرض هكذا للمخطط الغربى أم نوحد إرادتنا وصفوفنا ونستغل دخول روسيا بكامل قوتها لإنقاذ الدولة السورية واعتراضها على مخططات الغرب، أم نصر على أن تتحول سوريا للخراب والإرهاب بإسقاط نظامها كما حدث سابقا حتى نستفيق من غفلتنا ونعيش على أمل عودتها كما نعيش الآن على أمل عودة العراق وليبيا؟! وهو أمل محفوف بالمخاطر سوف يتطلب المزيد من السنوات لكى يعم السلام والازدهار فى هذين البلدين العزيزين على الأمة العربية، وبالتالى أن نوحد جهودنا لمحاربة وطرد الإرهاب والموافقة على بقاء الرئيس السورى وفق مرحلة انتقالية محددة ووفق حل سياسى عربى يمكن ان تضعه جامعة الدول العربية، يستوعب جميع أطياف الشعب السورى لحفظ الدولة السورية موحدة وانتشالها من مخطط الدمار والتقسيم الذى يحاك ضد أمتنا العربية ويهدد أمنها القومى