ما يقترفه نظام معمر القذافي من مجازر بحق شعبه لا يثير اشمئزاز العرب والعالم فحسب بل يحرج أيضا من تسموا باسمه، وبينهم عشرات من عرب 48 سارع بعضهم إلي تغيير اسمه. وتشير معطيات رسمية إلي وجود 240 مواطنا عربيا داخل أراضي 48 سموا باسم القائد الليبي بشقيه معمر أو قذافي، معظمهم ولد مطلع سبعينيات القرن الماضي عقب ثورة الفاتح من سبتمبر/أيلول 1969 التي وصل بواسطتها القذافي إلي الحكم. ويقول قذافي حسين خطيب '40 عاما' - و هو نادل من قرية العزير - إنه سارع منذ كان عمره 15 عاما إلي تغيير اسمه في بطاقة هويته إلي أحمد لكن أهل قريته ومعارفه استمروا في مناداته بالقذافي، وهي تسمية طالما أزعجته سابقا، لكنها الآن تسبب له الحرج بعد نشوب الثورة الليبية الشهر الماضي. "أينما تجولت أصطدم بتعليقات تتراوح بين الجد والمزح وكلها توجعني فبعضهم يدعوني لتغيير الاسم وآخرون يلومونني علي سفك الدماء أو يلقبونني بالمجنون توددا". قذافي نايف حبيب الله من عين ماهل أب لثلاثة أولاد، يعمل موظفا في بلدية الناصرة، وولد هو الآخر في 1970. أسماه والده الشيخ نايف باسم القائد الليبي عندما توسم في القذافي قائدا وطنيا صادقا، وأطلق أيضا علي بقية أولاده أسماء عبد الناصر وعامر ومصدق وغير ذلك. لكن قذافي يسدد اليوم ثمن تسميته كما يقول الابن، "فحيثما وليت وجهي تغرقني تعليقات الناس بين شتائم ونكات وبعضهم يردد معزوفته الجديدة: شبر شبر، بيت بيت". قذافي عين ماهل - الذي أسمي أولاده "تحرير" و"محمد" و"عمار" - يستذكر أنه كان يحب القذافي ويستلطف تسميته باسمه ولا سيما أن والده أحبه وقدّره في سنواته الأولي، لكن كافة ناس بلدته اليوم تكره هذا الاسم، وهو الآن يطلب من ابنه عمل ما يستطيع لتغيير اسمه. قذافي خالد سليم حبيب الله عامل بناء '40 عاما' من عين ماهل أيضا، يقول بلهجة المعتذر إن والده أسماه القذافي في 1971 حينما ذاع صيت القائد الليبي عاليا، ثم قال "هذا ما جناه أبي عليّ وما جنيت علي أحد". ويوضح أنه طالما كان يشعر بالخجل والحرج كل مرة يطل فيها "الرجل غير السوي" بتقليعة جديدة، ويشعر بالخزي حينما يشاهد قيامه بنقله خيمة ضخمة من دولة إلي دولة محاطا بفتيات حارسات. ويتابع أنه "بعد الكشف عن موبقات القذافي وأبنائه في ليبيا أتمني بكل جوارحي أن أنجح في تغيير اسمي ليس في الدوائر الرسمية فحسب بل في وعي العامة الذين باتوا يكرهونه لجنونه وجرائمه ولا سيما أنني أتعرض اليوم لتعليقات بين الجد والمزح تزعجني وتجعلني محط سخرية أحيانا بعدما تحول القذافي من رئيس إلي نكتة، وكيفما تجولت في البلدة يتوجه لي كثيرون مازحين: شبر شبر بيت بيت زنقة زنقة". المهندس معمر خطيب '40 عاما' من قرية يافا الناصرة أب لولدين سُمي هو الآخر علي اسم العقيد الليبي. يترحم علي زوج عمته اليوم ويلومه لأنه سماه "معمر" عقب وصول القذافي إلي الحكم وظهوره بصورة من يسير سير عبد الناصر. ويتابع "فكروا الباشا باشا كما يقول المثل الشعبي، لكننا اليوم نكره القذافي ونمقته بسبب أعماله المشينة وجرائمه في ليبيا حيث يذبح شعبه، ولو كان بالإمكان لمحوت اسمي من ذاكرة أهل بلدي ومعارفي لكنني أعرف أن هذه مهمة صعبة". ويضيف خطيب متوددا أن الليبيين سيربحون برحيل القذافي لكن العرب سيخسرون رئيسا صاحب روح فكاهية لعب دور المهرج في مؤتمرات القمة العربية، ثم قال "نضم صوتنا للشعب الليبي ونقول له من هنا ارحل فليبيا تحت حكم إيطاليا كانت وشعبها أقل بلاء مما هي عليه اليوم".