في يوم 11 من أغسطس الحالي كلف السيد / حيدر العبادي بمهام رئاسة العراق مكان نور المالكي بأمر من رئيس الدولة العراقية فؤاد معصوم، وحسب الدستور العراقي يحق لرئيس لوزراء تشكيل الحكومة خلال شهر من تاريخ تكليفه، ويأتي هذا التغيير الهام الذي انتظره الشعب العراقي في حينه بسبب الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد ومنها سيطرة التنظيمات الإرهابية وبخاصة تنظيم داعش علي مناطق كبيرة بشمال العراق، إضافة إلي انعدام الأمن وكثرة العمليات الانتحارية المفخخة، وانتشار المليشيات بالمدن العراقية والاقتتال الطائفي والمذهبي والعشائري والعرقي بين الفصائل المتناحرة التي يسعي بعضها إلي تقسيم البلاد علي غرار ما يسعي إليه الأكراد في شمال العراق وسيطرتهم علي الكثير من الأراضي التي تحتوي علي آبار النفط بدون احترام الاتفاقات المبرمة مع الحكومة المركزية بالعراق. يأتي ذلك في الوقت الذي لاقي اعتراض من جانب رئيس الوزراء السابق نور المالكي علي تعيين العبادي متهما الرئيس معصوم باختراق الدستور باعتباره ممثل كتلة الأغلبية بالبرلمان العراقي، إلا أنه تراجع عن موقفه يوم 14 أغسطس الجاري بتخليه عن رئاسة الوزراء لصالح العبادي بعد اعتراض الأحزاب العراقية واعتراض الحكومة الأمريكية والرئيس أوباما والاتحاد الأوروبي علي وجود المالكي الأمر الذي جعله يحافظ علي ماء وجهه ويترك المنصب. ورغم تأييد الحكومة الحالية وكثير من الأحزاب للعبادي إلا أنه يواجه مشكلات كبيرة ومنها أن الحركة السياسية وقياداتها وأحزابها المختلفة مازالت مهيمنة علي المشهد السياسي في البلاد وتعمل لمصالحها الخاصة وأفكارها الضيقة وليس لصالح العراق ووحدته، كما أنهم يتطلعون إلي وجودهم في التشكيل الوزاري المرتقب ويحلم أكثرهم بالفوز بالوزارات السيادية، وإذا ما صار رئيس الوزراء حيدر العبادي علي درب من سبقه معتمدا علي نفس الشخوص ونفس الاتجاهات والقناعات فإنه لن يستطيع أن يتحرك خطوة للأمام ومضيعا فرصة استثمار الدعم العربي والدولي له في تلك المرحلة ما لم يقوم بالتغيير المطلوب من أجل إرضاء المجتمع العراقي الذي يحلم بالتغيير، ولن يأتي التغيير إلا بالقضاء علي كل المظاهر السلبية التي خلفها نظام المالكي وأوصل العراق إلي الحالة المزرية الحالية ومنها القضاء علي الطائفية والعشائرية والمذهبية ومد التيارات الدينية الممثلة في الأحزاب العراقية الحالية، والعمل علي جذب العلمانيين والمثقفين العراقيين من جديد وضمهم إلي الحياة السياسية وإشراكهم في حركة الإصلاح من اجل حل المشاكل الكبيرة التي خلفها المالكي بعد قتله للعراق وفق أجندات أمريكية، وبخاصة أن المالكي منذ أن عين رئيسا للوزراء بمباركة أمريكية عام 2006 أدخل العراق في نفق مظلم بعد أن ذبحها الرئيس جورج بوش وقام بريمار بتسليم جثتها إلي المالكي الذي كان ماهرا في تقطيع أوصالها، حتي عمل خلال حكمه علي إحداث التناحر بين الكتل والعشائر والفصائل المختلفة وقام بالكثير من عمليات الإقصاء وأدي إلي وجود جيوش قبلية وإرهابية وجهوية ومليشيات بالعراق في الوقت الذي انهار خلالها الجيش العراقي ثم الشرطة بعد انعدام الأمن وكثرة العمليات التفجيرية في العراق ومدنها خلال 8 سنوات قضاها المالكي في الحكم كان هو الحاكم المطلق فيها حتي أنه جاء علي خراب العراق وإفلاسها بعد أن باع نفط العراق بكم لم يحدث بيعه خلال 90 عام علي اكتشاف النفط بالعراق ولهذا خرج المالكي مكرها وترك العراق في وضع مزري وبني تحتية مدمرة وقتل جماعي يومي، وتأخر العراق عن محيطه الدولي، وانتشار الفساد وسيطرة قيادات الأحزاب والميليشيات علي ثروات الشعب العراقي، واغتيال الأساتذة وعلماء الدين، وانتشار الأمية في بلد كان محا علي الأمية وأصبح الأول علي بلاد العالم، واتجه للطائفة الشيعية وميزها علي الطوائف الأخري، وتحالفه مع إيران، وفشله في مواجهة الجماعات المسلحة التي سيطرت علي الكثير من الأراضي العراقية، وولائه المطلق لأمريكا حتي تخلصوا منه مؤخرا بعد أن قدم لهم كل شيء ولم يعد لديه ما يفعله لهم، ليجيء رئيس الوزراء حيدر العبادي كأمل جديد لشعب العراق وللأمة العربية علي أمل أن يتمكن من إصلاح ما خلفه الدهر إيذانا بعهد جديد يستطيع خلاله نزع فتيل الأزمة بين الطوائف المتناحرة وإرجاع التصالح ورح المحبة مرة أخري بين نسيج المجتمع العراقي والمحافظة علي وحدة العراق وإحياء مؤسساته من جديد، ومحاربة التنظيمات الإرهابية المنتشرة بالعراق بالقضاء عليها لتعود العراق من جديد شامخة وأبية.