اعرف رد محافظ الإسكندرية على جزار يبيع كيلو اللحمة ب700 جنيه.. فيديو وصور    مصر للطيران تتفاوض لشراء 6 طائرات "A350" إضافية من إيرباص    هآرتس: الصواريخ الإيرانية دمرت 9 مبان بشكل كامل و100 شخص أصبحوا بلا مأوى    هيئة البث الإسرائيلية: ارتفاع عدد المصابين إلى 50 جراء الصواريخ الإيرانية    استهداف مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية فى تل أبيب.. فيديو    إسرائيل: عدم استهداف خامنئي حاليًا.. وطهران ترد بعملية «الوعد الصادق 3»    انتهاكًا لسيادة الدول.. الأزهر يدين العدوان الإسرائيلي على إيران    «ممكن بعد الماتش».. ريبيرو يرفض طلب أحد الصحفيين خلال مؤتمر إنتر ميامي    بن رمضان ل"اليوم السابع": أتمنى أن فوز بجميع المباريات لإسعاد الجماهير    شاهد.. بيكهام يظهر فى تدريبات إنتر ميامى قبل مواجهة الأهلى مونديال الأندية    بعد مصرع 8 وإصابة 17.. «جنح أكتوبر» تصدر حكمها في قضية انفجار خط الغاز بطريق الواحات خلال ساعات    قبل وفاته مع «حذيفة».. «محمود» يروي لحظات الرعب والانفجار ب خط غاز طريق الواحات: «عينيا اسودّت والعربية ولّعت»    برقم الجلوس.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 ب محافظة الجيزة.. خطوات الاستعلام فور ظهورها    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 37.. حالة الطقس اليوم    ضبط عاطل وراء إشعال النار بشقة والده في الطالبية    النقابات الفنية تشكر نقيب الفنانين بالعراق لاهتمامه بإلهام شاهين وهالة سرحان    تامر عاشور يظهر بعكاز فى حفل الكويت.. صور    كاتب سياسي: رد إيران يشمل مئات الصواريخ الباليستية لم تشهد تل أبيب مثيل لها    الأهلي يبحث عن افتتاح تاريخي لكأس العالم للأندية أمام ميسي    نجم المغرب السابق: بنتايج يستحق الانضمام لأسود الأطلس    أمريكا: ظهور عناصر من مشاة البحرية وهم يتولون الحراسة أمام مبنى اتحادي في لوس أنجليس    بعد الضربات الإسرائيلية.. ما مدى خطورة التسرب الإشعاعي من المنشآت النووية الإيرانية؟    يقترب من برشلونة.. ليفربول منفتح على بيع دياز    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 14 يونيو 2025    سعر الذهب اليوم السبت 14 يونيو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير (تفاصيل)    أحمد معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    مصرع عاملين وإصابة 12 آخرين في انقلاب ميكروباص بالعياط    أمن القاهرة يضبط سائق الميكروباص صاحب فيديو القيادة الاستعراضية في المقطم    محمد صبري: شيكابالا من أساطير الزمالك وله الحرية في تحديد موعد اعتزاله    حرب إسرائيل وإيران.. الحكومة: نسعى لتجنب تخفيف أحمال الكهرباء في الصيف    الأردن: سقوط أجسام جوية إيرانية وإسرائيلية في عدد من مناطق المملكة    بعد نصف قرن على رحيلها.. صوت أم كلثوم يفتتح تتر مسلسل «فات الميعاد»    حركات متصاعدة في بيت المال.. حظ برج القوس اليوم 14 يونيو    «زي النهارده».. سليمان الحلبي يغتال كليبر 14 يونيو 1800    طوارئ نووية محتملة.. السعودية توضح: لا مواد مشعة في مياه المملكة    هدى زاهر تكشف تفاصيل الأزمة الصحية لابنتها ملك أحمد زاهر    فيديو وصور- مايان السيد ترقص وتحتفل بزفاف شقيقتها    الصحة: نجاح جراحة دقيقة ونادرة لطفلة عمرها 3 أيام تعاني من ناسور مريئي    وزارة الصحة: نجاح فريق طبى بمستشفى الخانكة في إجراء جراحة نادرة لطفلة رضيعة    إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    طعنوه وذبحوه داخل الحظيرة.. العثور على جثة مزارع غارقة في الدماء ببني سويف    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    أسعار اللحوم اليوم الجمعة الموافق 13 يونيو 2025    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    قفزة في الاستثمارات العامة بالمنوفية ب2.8 مليار جنيه في موازنة 2024/2025    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصاد العرب.. وفتن العام الجديد..؟
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 06 - 01 - 2014

عام مضي ولفظ أنفاسه الأخيرة، وحل عام جديد، إلا أن هذا العام 2013 الذي ذهب كان عاماً شديد القسوة علي الشعب العربي في عدة بلدان.
إنه عام التعذيب الشعبي الذي اتخذ شكلا درامياً سيتجاوز بمئات المرات أي ملحمة قد تكتب عن عام بلغ فيه الضجيج أقصاه، ووصلت الحرائق فيه إلي النفوس قبل أن تبلغ أي مكان آخر، وأن هذه النفوس التي تستعيد اليوم أنفاسها ستجد نفسها بعد مدة ليست بقصيرة أن ما دفعته من أجل غدها وما وعدت به لم يحصل وقد لا يحصل، حيث جميع العوامل تؤكد المسيرة السائرة نحو غايات مختلفة، لأن من خطط وموَّل أراد شيئاً آخر لتلك الشعوب المسكينة التي صدقت الدعوات، بعدما اخترقها الإعلام مثل رصاصة مرت قرب الرأس لم تقتل صاحبه لكنها خلخلته.
فمن بلاد الشام إلي بلاد الروهينجا، مروراً بالعراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان وسوريا واليمن ومصر وليبيا وتونس.. يغص المشهد بألوان الدم والدخان، وبالقتل والحرائق وبيارق الفرق المتناحرة.. وتضج الأنفس بالشكوي من أشكال الظلم والقهر والجوع والرعب، ومن انحطاط أخذ يتفشي ويتفتق عن مكائد وسموم في سياسات وكتابات ووسائل إعلام بلغ بعضُها درجات من التحلل والانحلال والتهافت والتهالك علي الصغائر والمهالك..
وربما يكون مفيداً أن نقول: إن الذين ركبوا قطار الربيع قادمين من تونس فمصر فليبيا، فاليمن كانوا جميعاً في قطار واحد.هذا صحيح لكن لم يكن الجميع علي هدف واحد، ومن مرجعية واحدة، ومن أمة واحدة. ولذلك جاءوا علي قطار لعبة الأمم بأمتهم، وأهداف الأعداء بثروات بلادهم، وموقعها الجيوإستراتيجي وهكذا فقد كانوا مرتهنين لمن يقود القطار وليس بإمكانهم أن يفعلوا غير ما يؤمرون.
واليوم، فالخراب الذي ينتشر في دول ما يسمي 'الربيع العربي' يوضح أن ما شهدته وتشهده ليس بثورات وإنما تآمر مفضوح يهدف إلي تهديم المجتمعات العربية وتفكيك روابطها، والعودة بها إلي الدرك الأسفل من مراحل تطور البشرية، ومن ثم تكريس الاستباحة الأمريكية والإسرائيلية، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
فعندما تخسر المجتمعات أمناً يؤمن لها أيامها ولياليها ليصنع لها صحة جيدة، فإن عليها ألا تثق بمؤسسات ودساتير وقوي نظامية، وبالتالي مستقبلا لا مستقبل له.
وضوح العام الذي مر يأخذنا إلي مرحلة أخري أعتقد أنها تخطت الممولين والمخططين والمراهنين، وهو أن قادة سقطوا لكن شعوباً لم تسقط، فهل المطلوب في مرحلة لاحقة إسقاط الشعوب كي نأمن التاريخ بكل أبعاده المقبلة. ثم إن هنالك قادة وشعوباً لم يسقطوا فهل بإمكانهم إسقاط التاريخ والحاضر والمستقبل؟ هل يمكن الاعتداء علي التاريخ كي نسقطهم جميعا لتحقيق غاية أو غايات؟
المؤلم والمخجل والباعث علي الابتئاس، أن أمتنا العربية تقف اليوم بإزاء دورة تاريخية مرعبة ومكتوبة بالدم وحروف الفوضي والانفلات.. فقد خرج المارد الفتنوي من قمقمه، واستيقظت الضغائن والثارات القديمة، وانبعثت مجدداً وقائع الجمل وصفين وكربلاء، واتسعت بفعل أكثر من فاعل دوائر العداء والبغضاء بين المسلم والمسيحي، وبين السني والشيعي، ودخلت علي خط الأزمات العربية كل الدوائر الاستخبارية والتضليلية والتحريضية الأجنبية.
هي الفتنة التي قيل دائماً إنها أشد من القتل، بل هي القتل الذي يمارس بالكلمات قبل أن يتحول إلي صراع مفتوح. تمتلئ الشاشات بهذا النذير المشؤوم وتقوي مستندة إلي من يلعبها بحرارة ينتفض لها حتي جسد الميت. هؤلاء الذين يغذون فكرة الفتنة ويعلنون الصراع هم بشر من لحم ودم وهم مقيمون في جنباتنا، وهم عرب بكل أسف يحظون برغبات الأجنبي الذي من أصول لعبته الفتنوية ألا يبقي عربي علي صلة بأخيه، وأن يموت الاثنان معاً طالما أنهما يفكران بعقلية مضي عليها أكثر من ألف عام.
لماذا يستحضرون تاريخاً تآكلته الأيام والسنوات والقرون والأعوام حتي غدا من أخطاء ذلك التاريخ الذي وقف عند حادثة السقيفة ولم يتعداها. نكتشف أن العقل العربي ما زال واقفاً هناك وإن امتلأ بالغبار ورائحة النفط، أو هو عقل يتأثر بما يكتب له من خطط كي ينفذها، أو أنه خامل إلي درجة أن منطق العصور المتقدمة لم تصله بعد.
صحيح أنها الفكرة المفسدة للعام وكل الأعوام، لكن العقل الذي اجترحها فاسد ومفسد أيضاً، يظن أن اللعبة الجهنمية التي يسعي إليها ستغير من معالم الاصطفافات، لكنه ينسي أنه الصراع الذي سوف يدوم مائة عام كما قال 'كيسنجر' في وصفه لصراع المذاهب الإسلامية المقبلة.
لقد غاب أو يكاد العقل السياسي العربي، وغابت معه لغته وفطنته وحضاريته وفاعليته، فيما اكتظت المنابر والميادين والفضائيات بالخطابات الغوغائية، والفتاوي التكفيرية، والثقافات البدائية، والجماعات الإرهابية المتعطشة للدم، والمتفرغة للقتل والذبح، والمتخرجة من مسالخ تنظيم القاعدة الذي استعاد سيرته الأولي في خدمة المشاريع والمخططات الأمريكية والصهيونية، وبات يشكل مع أفرعه وأذرعه التكفيرية 'جبهة النصرة، داعش، الجبهة الإسلامية.. ' خطراً داهماً علي الأمن القومي برمته والمستقبل العربي بأسره.
خلال العامين الأخيرين، تمكنت المخابرات الأمريكية المتسيدة علي مثيلاتها في قطر وتركيا، من إعادة تكييف وتأهيل تنظيم القاعدة وتوابعه السلفية الجهادية، ودفعه باتجاه العمل في الداخل العربي والإسلامي، ورفع راية العداء للشيعة والنصاري والعلمانيين العرب، واعتبار الجهاد ضد روسيا وإيران والصين أولي منه ضد أمريكا وأوروبا وإسرائيل.
وليس من الغريب أن تبدو السياسات الصهيوأمريكية الدافعة لهؤلاء العرب المعنيين واضحة، فالسياسة لا تزال هي السياسة، والعمالة عند الأعراب لا تزال هي العمالة، وتشعر أمام هكذا واقع، أن عالمنا العربي علي الخصوص وبعض جواره الإسلامي لم يعد فيه سوي هذه المستويات المتدنية من السقم الفكري والسفاهة اللفظية والانحدار ورسوم الأدعياء و'عملقة' الدعاة من كل نوع: من دعاة الحروب المذهبية والطائفية والعرقية إلي دعاة الاستعمار والصهيونية والحزبيات الضيقة والأيديولوجيات الغريبة المريبة، ومن دعاة الشرذمة والتقسيم السكاني والجغرافي، والفيدراليات السياسية الهزلية.. وكل من ذلك وأولئك يعيدنا إلي عهود 'ما قبل عقلانية وما قبل جاهلية وما قبل حضارية.. '؟!
ويضاف إلي ذلك دعاة بمعاول صلف وجهل يريدون هدم صرح العروبة التي يتهمونها بما لا يصدق ولا يطاق، وهدم الإسلام المحمدي الصحيح ومحاولة تشويه صورته النظيفة الناصعة، ونقض معمار قيمه ومقوماته وتسامحه ونقائه البهي، والعمل علي جعل المسلمين في 'دينين' والعياذ بالله، دينين يتكلم عنهما دعاة.. 'دين السنة ودين الشيعة'؟!
وما الكل، سنة وشيعة، إلا من دوحة الإسلام الواحد الذي جاء للناس كافة، ودخله من دخله علي أساس من الإيمان بالله وكتبه ورسله وملائكته وبالقدر خيره وشره من الله تعالي، وباليوم الآخر، يوم نشور وحساب تُجزي فيه كل نفس بما كسبت، وعلي أساس التزم المسلم بأداء الفرائض والعمل بكتاب الله وسنة نبيه، وتجنب المعاصي ما ظهر منها وما بطن، وفق الشريعة وفقه العبادات والمعاملات..
أما المذاهب ففقه واجتهاد، رجال مخلصون لم يكن همهم تفريق المسلمين بل سعي مخلص لفهم الدين وتطبيق ذاك الفهم بما لا يخرج مسلماً من الدين.. وهناك سعي قائم ومستمر بين العلماء والفقهاء والعقلاء والحكماء من المسلمين المؤمنين العارفين للتقريب بين تلك المذاهب، ونبذ للخلاف والاختلاف.. وليس سعيهم ذاك إلي تحويل الاختلاف المذهبي إلي تكفير وتدمير، وخوض حرب بين المسلمين علي أسس يقال إنها 'دينية' وما هي في حقيقة الأمر إلا بسبب خلافات واجتهادات تتصل بأمور سياسية واجتماعية ودنيوية مزمنة غذاها من غذها بحماسة وعصبية، وأضفي عليها البعض صبغات دينية فجعلها تطرفاً وقنابل موقوتة، وأحالها تكفيراً وسواطير وسيول دم وجهل جاهلي!
وهذا السطح الذي يظهر للعالمين اليوم ويتلامع ربما دل علي قمة جبل الجليد من مآسينا المتعددة الألوان والأسباب، وعلي عمق الانحطاط والانحلال والانفلات الذي بلغناه وأوصلتنا إليه سياسات ومؤامرات ومصالح وثقافات ووسائل إعلام ومشيخات ودعاة.
عام 2013 كان في غاية الوضوح بحيث تجلي فيه من يخطط، ومن يدفع المال، ومن يراهن، ومن يفترض سقوطه.. فالذين دفعوا، وما زالوا، الأموال علي إسقاط الأنظمة، حجبوا بكل أسف ولو جزءا منها عن إمكانية التنمية في العالم العربي.. والذين خططوا، هم من كانت لديهم الأفكار القديمة باغتيال العالم العربي في كل مرة تنمو فيه رغبة في التغيير، إعطاؤه جرعة من التغيير لكن تحت الكنترول.
أما المراهنون فهم الصامتون الذين لا نفهم منهم إذا كانوا يقبلون بدور الممولين علي المديين القريب والبعيد.ولكن، يجب التنبه له، أن الولايات المتحدة وكل أذرعها الإسرائيلية والغربية، لا تقبل نظاماً له كل هذه المهمات كي يخرج بأقوي مما تتحمل المنطقة مع أنه أصغر من خرم إبرة.
لقد كان الدور الغربي حاسماً في تسريع وتيرة الفوضي حيث وجد من الناحية الاجتماعية أو ما يعرف بالمجتمع المدني الذي كانت مكوناته يملأ أفئدتها الحنق والغضب من مظاهر الظلم والفساد، وتركز الثروة بيد طبقة وسيطرة ذوي السلطة والمناصب علي مقدرات الدولة وثرواتها، وجد البيئة خصبة والطريق مفتوحاً ليضع رجله علي دواسة الوقود حتي آخرها، نتج عنها بروز أحزاب وجماعات كانت تنتظر مثل هذه اللحظة التاريخية لتتسيد المشهد الذي ملامحه الحالية تؤكد أنه مشهد مرسوم منذ البداية ليكون القادمون الجدد أو المتسيدون للمشهد هم الرقم الصعب في معادلة تحقيق الأهداف من الفوضي الخلاقة، سواء كان هؤلاء القادمون الجدد أو الراكبون لموجة الأحداث مدركين أو مغيبي الوعي أنهم تقع عليهم التزامات يجب الوفاء بها كضريبة لحالة التمكين.
مضي عام 2013، وبقي لنا ما نحن فيه، وما علينا أن نتجرع صعابه ونعاني عذابه، نسوّغ حلوه ومره، فمره حلو بذوق فريق وحلوه مر بذوق آخر، ومصائب قوم عند قوم فوائد!!
وهكذا هم الخلق في الحروب يتساقون كئوس الردي ويتبادلون سداد ثارات الدم والأيام دول 'يوم لك ويوم عليك'.. ولكنها بمجملها أيام ترتد علينا نحن العرب والمسلمين وبالاً وضعفاً ونكالاً، وترتد كذلك علي بلداننا وأمتنا الإسلامية وعلي الدين الإسلامي، وعلي القيم وما قد يتبقي للأجيال العربية القادمة علي الخصوص من وجود وحقوق وأمل.
وعلي الرغم من بحث الشعوب العربية وبخاصة الشعب الفلسطيني والشعب السوري عن فسحة الأمل في انجلاء أدخنة المؤامرات لتصفية كل من الدولة الفلسطينية والدولة السورية لتعلقهما المباشر باحتلال الكيان الصهيوني، فإن الغرب بقيادة الولايات المتحدة رغم الأزمة الاقتصادية التي تعانيها الدول الغربية وأمريكا واضطرارها إلي انتهاج سياسات تقشفية، لا يزال هذا الغرب مصراً علي تجاهل حقيقة أن مصالحه مرتبطة بعلاقات طيبة مع دول المنطقة وشعوبها وأنظمتها وليس بمعاداتها بمناصرة احتلال صهيوني غاشم والقيام بتسخير إمكاناته ومقدراته التي يتكبدها دافع الضرائب الغربي لقتل وتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، وضرب استقرار المنطقة.
وفي الوقت الذي يعول فيه الشعبان الفلسطيني والسوري علي صحوة ضمير هذا العالم تظل الدهشة تأخذنا إلي أن كل ما مر من تداعيات في العام الماضي لم يكن كفيلا لإيقاظ الضمائر المتبلدة، فصناعة الحروب والإبادة والدمار لا تزال مستمرة وتجارها لا يزالون مصرين علي توظيف مقدرات شعوبهم لحروب الإبادة والدمار، لا لشيء سوي علاقات شخصية تدفع الشعوب ودولها بسببها أثماناً باهظة.
وإذا كان لنا أن نطمع في التمنيات ونحن نستقبل العام الجديد، فلنا أن نقف عند التمني الذي يحرر الأسري الفلسطينيين، ويعيد الياسمين إلي دمشق، ويزيل كآبة الشح والضمور من أنهار دجلة والليطاني والنيل وكل الأنهار العربية التي بدأت تشيخ جفافاً، وأن نسمع هدير بردي الشام مواويل وذكريات، وأن تتزين شجرة الأرز اللبنانية بروح الألفة لتعيد ترتيب أولويات كتل سياسية ما زالت تلهج ليل نهار بأنها الأسمي والأحسن، وأن يكون للريف العربي حظوته بالمزيد من القري العصرية، وأن يعلن الكثير من اللصوص وقطاع الطرق والقتلة براءتهم من ماضيهم وأن نبتعد من ثقافة العويل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.