أولاً: الأمن القومي ينبع فكره من استراتيجية فكر المؤسسة العسكرية رغم أن الأمن القومي يتبع رئيس الجمهورية مباشرةً إلا أن استراتيجية فكره وتحركاته تنبع من فكر المؤسسة العسكرية. وأقول لهؤلاء الذين كرسوا كل جهدهم للهدم والتشويه والخلاف والصدام في الأسابيع الأخيرة انظروا إلي هذا النموذج الناجح والمشرف الذي أوصل المصالحة الفلسطينية إلي بيت القصيد من أجل العمل المشترك بين منظمة التحرير وحماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية. هذا النجاح جاء بعد أسابيع وشهور من جهد خلاق من جانب الوزير اللواء مراد موافي رئيس مؤسسة الأمن القومي ومجموعة مشرفة من معاونيه الذين حملوا علي أكتافهم مسئولية الملف الفلسطيني. وكان الوزير مراد موافي مباشراً في خطابه للفصائل الفلسطينية »أملي أن يكون اجتماعنا بداية حقيقية للم الشمل وترتيب البيت الفلسطيني ، وأضاف »إن حرص الأطراف الفلسطينية علي إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام دفع مصر لأن تكون أكثر تصميماً علي إتمام الملف الفلسطيني« وليعلم الجميع أن »جزء من أهم مسئوليات الأمن القومي المصري تجاه الملف الفلسطيني هو معالجة إشكالية إصلاح الأجهزة الأمنية الفلسطينية وبنائها علي أسس وطنية«. وعند وصول إسماعيل هنية إلي الأراضي المصرية وجه كلماته إلي اللواء نادر الأعصر مسئول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية مشيراً إلي متانة العلاقات الحميمة بين مصر وفلسطين ودور مصر الأصيل والثابت في دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وقدم هنية الشكر لمصر ولجهاز الأمن القومي لتقديم التسهيلات له لدخول الأراضي المصرية. أما رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن فقد أعلن عقب لقائه مع المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة »أوجه الشكر للمجلس الأعلي للقوات المسلحة، والحكومة المصرية علي الدعم الدائم للشعب الفلسطيني«. ثانياً: خلفيات للعلاقات المصرية الفلسطينية وحرب المناورات ليس سراً علي أحد ما تقوم به مصر من دور مخلص وأمين للمصالحة بين الأطراف الفلسطينية، ولا يخفي علي أحد أيضاً أن إيران وقطر وسوريا وحزب الله تنفذ أجندات خاصة بها وأدت في كثير من الأحوال إلي استخدام حماس لصالح هذه الأجندات الخاصة التي أنفق عليها الكثير ، وكان الخاسر الأول هم أصحاب القضية الفلسطينية. ثالثاً: الاقتصاد ... السياحة ... الأمن ثلاثية لا تنفصل أولوية الاهتمام بالاقتصاد بمعني تشجيع عجلة الإنتاج وفتح أبواب الاستثمار... كان الدكتور الجنزوري صريحاً وهو يتكلم عن خطورة الوضع الاقتصادي وانخفاض احتياطي البنك المركزي، وكان أكثر صراحة وهو يقول إن معظم ما وعدت به أمريكا ودول المجموعة الأوروبية مصر وتونس بالتحديد لم ينفذ، وأن كل ما وصل إلينا حوالي مليار دولار ... بمعني آخر بقيت سواعدنا وجهودنا الذاتية لننتج ونحمي لقمة العيش ونوفر فرص عمالة. وحينما أصر المجلس العسكري علي اختيار الدكتور الجنزوري والاحتفاظ بالوزيرة د.فايزة أبوالنجا.. لم يأت هذا الموقف من فراغ ولكن من تجربة طويلة للمشير حسين طنطاوي في مؤسسة الحكم. ولكن أقولها أيضاً بصراحة نحن أبناء الأغلبية الصامتة يقع علينا العبء الأكبر في القيام بواجبنا تجاه الاقتصاد الوطني. أما الجناح الثاني من الثلاثية فهو السياحة المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة ولتشجيع العمالة في مرحلة تهددنا البطالة. ومن حسن الحظ أن يتولي هذه الوزارة الوزير منير فخري عبد النور بأفكاره الخلاقة ، وليت الأغلبية الصامتة التي تطالب بحقها في حماية لقمة العيش مثل المظاهرة السلمية التي قامت بها علي سفح الهرم. المطلوب تحريك مظاهرات شعبية سلمية في معظم مدن مصر السياحية لنعطي رسالة حازمة للخارجين عن القانون بأنهم أعداء لقمة العيش التي يستحقها هذا الشعب. بقي الطرف الأخير في الثلاثية وهو الأمن، فعلاقة الأمن بالسياحة والإنتاج أشبه بالزواج الكاثوليكي الذي لا يقبل الانفصال كما قلتها سابقاً في هذا المكان. لا تهاون مع العملاء الذين يملؤون جيوبهم من الذين يريدون كسر شوكة الاستقرار وهيبة الدولة. يا شعب مصر الغد يحمل الكثير من المخاطر، وكثيرا من الآمال أيضاً، ليكن خيارنا الثابت هو حماية الأمل والتصدي للمخاطر. واتقوا الله في هذا الوطن فنحن مدينون له بكل شيء.