قد أكون من بين أسعد خلق الله وأنا أري من خلال الصور المرئية والمكتوبة "الشرطة في كل مكان".. ولأنه ومنذ شهور طويلة كنت من أحد الأصوات النادرة التي ترددت في المطالبة بالمواجهة المباشرة من جانب الجيش والشرطة للخارجين عن القانون حفاظاً علي الاستقرار والأمن ومصالح المواطنين وقبل كل شيء علي كرامتهم حينما يعتدي عليهم الخارجون عن القانون في الشوارع والطرقات، بعد أن خلق البلطجية حالة من الرعب ألزمت الجميع بالصمت والحياد. وأمام استشراء واستقواء خطر البلطجة والبلطجية فوجيء شعب مصر بقوة الأسلحة الأوتوماتيكية تتصدي وتتحدي رجال الشرطة وتعتدي علي حياتهم . وحدث ولا حرج عن المجرمين علي أرض سيناء الذين اعتدوا علي مراكز الشرطة في سيناء وقتلوا الكثير من رجالها الأشراف الذين دافعوا عن مؤسساتهم. ولن ننسي ولن نغفر دور المجرمين الذين نسفوا خطوط الغاز معتقدين أن كون هذه الخطوط موصلة للغاز إلي إسرائيل قد يعطيهم بطولة لا يستحقونها. وفي يوم وليلة أعطي المجلس العسكري قيادة الداخلية إلي شخصية لم نكن نتوقعها اللواء محمد يوسف، وتسلم موقعه وكأن معه خطة جاهزة غيرت الصورة أمام الرأي العام، وأمكن تلخيصها في عبارة واضحة: "الشرطة في كل مكان .. لحماية أمن المواطن ومصالحه وكرامته.." ونظراً لوجودي في الخارج في رحلة علاجية طلبني عدد هام من الأصدقاء والزملاء مساء الأحد وصباح الإثنين ليطمئنوا علي نجاح عمليتي الجراحية، ولكن لأنهم يعرفون أولوياتي وضعوا أمامي الصورة بالكامل في شوارع القاهرة ومحاورها وطرقها ، فاطمأن قلبي ودعوت لرجال وقوات الشرطة بالنجاح والتوفيق، ومرة أخري ثبت في عقيدتي أن سياسة الدولة وهيبتها تتأكد باختيار القيادات القادرة علي فرض الضبط والربط وتحقيق الأمن والأمان. وكانت أهم الخطوط العريضة لخطة العمل لوزير الداخلية الجديد واضحة وصريحة ومعلنة: في حال مطاردة أي متهم سيتم ضبطه دون إطلاق النيران عليه، وحال مبادرته بإطلاق النيران يتم التعامل معه فوراً وفقاً لما يكفله القانون في حالة الدفاع عن النفس. الي جانب القاعدة العامة الثابتة في حق الشرطة للدفاع عن نفسها حال الاعتداء عليها فقد تم في أقل من 24 ساعة انتشار حملات أمنية موسعة علي الشوارع والميادين بالقاهرة وعدد من المحافظات، استهدفت إعادة الانضباط، وضبط الخارجين علي القانون، وأسفرت عن ضبط 6 تشكيلات عصابية في الإسكندرية والدقهلية والقليوبية، بينها 5 لسرقة السيارات.في القاهرة، شنت أجهزة الأمن 17 حملة أمنية مكبرة في مناطق مدينة نصر، والرحاب، والمرج، والمطرية، والسيدة زينب، والعتبة، والأزهر، وروض الفرج، والشرابية، والسيدة عائشة، ودار السلام. إذاً خلاصة الأمر أن الخارجين عن القانون والبلطجية يعلمون الآن أن دور ومسئولية الشرطة هي مواجهتهم، وفي حالة اعتداء المجرمين علي الشرطة سيكون من حقهم إطلاق النار عليهم ممارسين حق الدفاع الشرعي عن النفس. تحية إجلال للدكتور عصام العريان لممارسته كلمات هي لغة رجل دولة العريان يؤكد احترام كل الاتفاقيات التي وقعتها مصر...إذاً بما فيها كامب ديفيد حينما تلعب السياسة بالمشاعر وتلهب ردود الفعل غير المحسوبة حتي يراهن البعض علي كسب شعبية رخيصة فهذا ما سميته دائما في هذا المكان لغة ومنطق "الغوغائية" وأصارح القاريء أيضاً أنه في كثير من المواقف كنت أختلف مع ما يسمي بالاتجاهات الإسلامية ولم أكن مجاملاً في نقدي ولكن الأمانة تقتضي مني أولاً ألا أعمم في الأحكام وحينما تأتي شخصية في حجم وقدرات الدكتور عصام العريان ويصارح الجميع بتوضيح رأيه في موضوع شائك وحساس مثل موضوع اتفاقية السلام ويذهب اختيارياً إلي لغة رجل القانون الذي تعلمه قائلاً: "مصر تحترم اتفاقياتها الدولية بغض النظر عمن يحكم" ولأن الدكتور عصام العريان يعلم أن الكلام عن هذه الاتفاقية أشبه باللعب بالنار لأنها تغامر بمقدرات سيناء، ومن ناحية أخري درس الدكتور عصام العريان جيداً أن مثل هذا النوع من الاتفاقيات هو اتفاقيات دولية وهذه الاتفاقية بالذات نذكر من نسوا أنها اتفاقية ثلاثية الأطراف بين مصر، وإسرائيل، والولايات المتحدة. نفس لغة العقل استخدمها المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع بوصاياه العشر إلي رجاله وكان أهمها تواضعوا وأزيلوا مخاوف إخواننا الأقباط.