رأي وملخص للوضع الليبي بين ما كان عليه منذ سنتين، وما هو عليه اليوم: 1 - منذ سنتين ضغطت أوروبا لتُثني روسيا عن تقديم المساعدة للجيش الوطني الليبي. هذا الجيش يسيطر علي منطقة شرق ليبيا المجاورة لمصر... يسانده البرلمان الليبي... ويقوده خليفة حفتر الذي تعتبره اوروبا خارجا عن القرار الدولي. حفتر كان قد طلب مساعدة الروس ليتمكن من مواجهة القوات الداعشية المنتشرة بليبيا، وعلي الأخص بمناطقها الغربية. حاولت أوروبا دفع روسيا للتعاون مع امريكا، لحمل حفتر علي قبول منصب عسكري رفيع في حكومة الوفاق الوطني التي تساندها الأممالمتحدة، ومركزها طرابلس، ويقودها فايز السراج، وتسيطر علي غرب ليبيا بميليشياتها الاسلامية، وتساندها قطر وتركيا، وذلك بعد توحيد الفصائل الليبية في الشرق والغرب في دولة تبدو مدنية، إنما في الحقيقة هي دولة دينية. 2 - أما اليوم.. وبعد سنتين اثنتين.. وفي الأيام والاسابيع القليلة الماضية.. فإن الموقف اصبح في رأيي يبدو علي النحو الآتي: ا - التقي الأمين العام للأمم المتحدة بقيادات الشرق والغرب الليبي المتخاصمين... وذلك تمهيدا لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية تحت رعاية الأممالمتحدة، كان مقررا له آخر الشهر الحالي. ب - أعطي حفتر فجأة تعليمات لقواته بالشرق للتقدم غربا للسيطرة علي طرابلس، واسقاط حكومة الوفاق الوطني. وأنكرت روسيا تماما دعمها لهذا الهجوم أو حتي علمها به. ج - قطع الأمين العام للأمم المتحدة زيارته لليبيا وغادرها، معبرا عن قلقه من الأوضاع التي قد تجر البلاد لحرب أهلية. د - نجحت قوات حفتر في السيطرة علي بلدة غريان جنوبطرابلس... ومازالت تحاول تطوير هجومها لدخول طرابلس والسيطرة عليها. ه - خرجت نداءات دولية لتوقيع عقوبات علي حفتر وقواته... الا ان تمتعه بالدعم المصري الإماراتي وأد هذه المطالبات في مهدها. و - أصدرت امريكا وايطاليا وفرنساوانجلترا والامارات العربية المتحدة، بيانا مشتركا، حثت فيه كافة الأطراف علي ضبط النفس.. ولم تُشر إلي حفتر علي أنه السبب وراء تصعيد الأزمة. ز - أصدر وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية الكبري بيانا يحث علي ضبط النفس ولا يوجه أي اتهام لحفتر بأنه وراء تفاقم الأزمة وتصاعد المواجهات العسكرية. ح - تم عقد اجتماع طارئ مغلق بمجلس الأمن بناء علي طلب انجلترا لمناقشة الأمر في إطار منع حرب أهلية محتملة... ولم تتم إدانة حفتر. ط - أمريكا صامتة عن هجوم حفتر... لم تتهمه بإشعال الموقف.. وقابل رئيسها الرئيس السيسي في واشنطن منذ أيام معدودة لمناقشة أمور بينية علي رأسها الحرب ضد الإرهاب. صرح ترامب إبان الزيارة بأن السيسي رئيس عظيم، يقوم بعمل عظيم في إدارة مصر، وأن العلاقات في أفضل أحوالها بين البلدين... كما خرجت تصريحات من وزارة الخارجية الامريكية تعتبر مصر شريكا استراتيجيا لها، فيما يبدو وكأنه تسهيل لموقف مصر في تبنيها للملف الليبي، نظرا لخطورته علي الأمن القومي المصري. ي - في الايام القليلة الاخيرة انقسمت أوروبا علي نفسها أمام هجوم حفتر.. وأوقفت فرنسا مسودة قرار أوروبي بإدانة حفتر لشنه الهجوم علي طرابلس. ك - اجتمع حفتر بالقاهرة مع الرئيس السيسي بعد عشرة أيام من بداية هجوم قواته علي طرابلس وفي اتجاهها.. وسوف تتعامل الدبلوماسية المصرية بحكمة بالغة مع جهود التسوية السلمية للمشكلة الليبية... وتتعامل مع الدعم لحفتر بما يحقق الأمن القومي المصري الإقليمي والداخلي. وسوف يحاول حفتر أن يستغل الأيام القادمة بمزيد من الضغط العسكري علي ميليشيات أغرب الكائنات الليبية وحكومة الوفاق الوطني بطرابلس، مستندا إلي دعم عسكري محترم. وسوف يحاول ضم المزيد من الأرض ويسيطر عليها لتقوية موقفه التفاوضي. وسوف يستمر التحالف المصري الإماراتي ومعه السعودية لوقف مخاطر الإرهاب بالمنطقة... وسوف يضغط ترامب لمصلحة القضاء علي الإرهاب ودعم مصر.. وسوف نعاني من رعونة بعض الأنظمة الغربية في تطبيق مفاهيمها عن الديمقراطية في حل المسألة الليبية... وسوف نواجه مخاطر سفالة إخوانية قطرية تركية. وسوف يأخذ كل هذا وقتا ليس بالقصير... وجهدا ليس بالقليل.. وسوف تنتصر مصالح مصر في النهاية. تحيا بلادي