أذكر أن إنتاج الأرز من مساحة الأرض التي كان يتم تخصيصها لزراعته منذ سنوات كان يحقق الاكتفاء الذاتي مع فائض للتصدير. أدت قرارات تقليص هذه المساحة نتيجة أزمة المياه.. بالإضافة إلي الزيادة الكبيرة في التعداد السكاني إلي نقص الكميات المتاحة للاستهلاك بالأسواق. كان من نتيجة ذلك اللجوء إلي الاستيراد من الخارج لسد النقص من الأرز الذي يعد غذاء أساسيا لمعظم المصريين لم يقتصر الأمر علي ذلك وإنما شمل أيضا ارتفاع أسعاره أضعاف أضعاف ما كان عليه. هذا العام ومنذ أيام اتفق الدكتور عزالدين أبوستيت وزير الزراعة والدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المالية علي تخصيص 724 ألف فدان لزراعة الأرز هذا العام في 9 محافظات.. علي هامش هذا الاجتماع الذي أعلن فيه هذا القرار تحدثت بعض القيادات المتخصصة عن استخدام بذور مقاومة لملوحة الماء والارض بالاضافة إلي أنواع أخري لا تستهلك كميات كبيرة من الماء. بالطبع فإنه ولمواجهة أزمة نقص المياه أصبح ضروريا الاستعانة بالأبحاث التي تم التوصل إليها في مركز البحوث الزراعية وكذلك المراكز الجامعية المتخصصة. في نفس الوقت فإنه يمكن في إطار علاقاتنا بالصين التواصل مع الجهات المتخصصة في زراعة الأرز والاستفادة بالطرق الزراعية المتقدمة والموفرة للمياه في زراعته كما هو معلن فإن هذه الاجتهادات البحثية الصينية نجحت في استزراع أنواع من الأرز تحتاج إلي ربع كميات المياه المستخدمة. هذا الانجاز أتاح للصين توافر كميات للتصدير إلي الدول الخارجية التي كانت مصر واحدة منها. من ناحية أخري وتجنبا لمزيد من الازمات في انتاج المحاصيل الغذائية الأساسية فإنه لابد من أن تكون هناك دراسة دقيقة وإيجابية لعملية تحديث وتنظيم الدورة الزراعية وطرق الري عندنا.. هذا يتطلب أيضا مزيداً من الاهتمام بنوعية المحاصيل وفقا لأهميتها. حول هذا الامر يقول بعض الخبراء أنه ليس معقولا هذا الارتفاع الكبير في الاراضي التي تزرع »الموز» رغم أن استهلاكه من المياه يساوي ضعفي ما تستهلكه زراعة الأرز أو أكثر. إن ما يجب أن نعلمه أنه لم يعد لدينا فرصة للتردد أو رفاهية الاختيار في مواجهة ومعالجة أزمتنا المائية. التصدي والحد من هذه الازمات يحتم علي الاجهزة التنفيذية المعنية العمل علي استخدام العلم المتطور في الري والزراعة. حان الوقت لاقتحام هذا الميدان وتوفير ما يلزمه من اعتمادات لا تساوي شيئا أمام المعاناة وتكلفة استيراد الاحتياجات من الخارج. في هذا الشأن لا يسعنا سوي الاشادة والترحيب باقدام كل من وزارتي الري والزراعة إلي اصلاح هذا المسار. تجسد ذلك في قرار زيادة المساحة المزروعة بالأرز هذا الموسم. كان سندهما لاتخاذ هذا القرار تشجيع التوسع في زراعة أنواع جديدة من الازر تستهلك نصف كميات مياه الري.