تملكتني الدهشة بعد قرار النيابة بحبس ستة من العاملين في مرفق السكة الحديد لاتهامهم في تحقيقات حادث محطة مصر. كنت اتوقع أن تتجاوز الأعداد هؤلاء الستة نتيجة لهول الحادث والخسائر ومساحة السلبية والمواقف والقرارات الخاطئة.. هذا الامر وتجنباً لتكراره يحتم سرعة التحرك لمواجهة الاسباب وراء هذه السلوكيات الوظيفية. علي ضوء فداحة مأساة حادث محطة مصر فانه حان الوقت للاقدام علي خطوة جادة وجريئةللمواجهة تقضي بإعادة النظر في التشريعات واللوائح لتضمينها البتر التام لكل من يجرم في حق المسئولية التي يتولاها في هذه الدولة. هذا الإجراء لابد أن يكون باتاً وحاسماً بالنسبة لتلك العناصر التي تكون مسئولة عن ارواح المواطنين. حول هذا الشأن تعجبت عندما قرأت ان السائق المتهم سبق اتهامه في تعاطي مخدرات وفي قضية دعارة. رغم هذا الانحراف فقد سمح له بقيادة قطار السكة الحديد. كان طبيعياً وعلي ضوء هذا الانحراف ان يكون مسئولاً وفقاً للملابسات المعلنة عن حادث محطة مصر. علي ضوء ما حدث فقد كان من المفروض وحفاظاً علي أرواح المواطنين وممتلكات الدولة عدم الإبقاء عليه في هذه الوظيفة لثانية واحدة. أغرب ما سمعنا ارتباطا بهذه القضية ان المهندس أشرف رسلان رئيس هيئة السكة الحديدية كان قد اصدر قراراً بعدم السماح لمثل هذه العناصر المنحرفة بقيادة جرارات القطارات. في أعقاب ذلك تضمن القرار تحويلهم للعمل في وظائف إدارية. في أعقاب صدور هذا القرار قام عدد من سائقي القطارات المناهضين للانضباط والسلوك السليم.. بالتظاهر في محطة مصر حيث مارسوا الضغط والإرهاب. كان من نتيجة ذلك حضوع قيادات في وزارة النقل وتدخلها لالغاء هذا القرار الاصلاحي!! لا جدال أن هذا التراجع كان واحداً من الاسباب الرئيسية في استمرار وتعاظم الاهمال والتسيب اللذين أديا إلي حادث محطة مصر. مرة أخري أجد نفسي أدعو وأكرر إلي أن لا سبيل لإصلاح مسار هذا البلد نحو الطريق الصحيح الا بالانضباط والمحاسبة علي أي فساد أو انفلات في اداء المسئولية. ثبت يقينا أنه لا أمل في تحقيق الاصلاح الذي تنشده القيادة السياسية ومن ورائها شرفاء هذا الوطن سوي بجدية تبني هذا التوجه. تحقيق هذا الأمر يحتاج الي تنظيم حملات توعية توضح أن أي إجراء يتم اتخاذه لمعالجة هذه الانحرافات يتطلب ويحتم ان يكون هناك تجاوب من الجميع علي مستوي الدولة. ان وقف ما نتعرض له من كوارث أمثال حادث محطة مصر لا يمكن أن يتم إلا بوجود قوانين حاسمة وواضحة. أنها الوسيلة الوحيدة للتصدي بقوة لاي انحراف أو فساد من جانب أي مسئول كبيرا أو صغيرا. حول هذا الشأن ولصالح هذا الوطن اصبح لزاماً وواجباً تجاوب وتعاون الحكومة ومجلس النواب لسن التشريعات التي تحتاجها عملية الانقاذ وتجنب المزيد من هذه الكوارث حان الوقت لان تتحمل هاتان المؤسستان في الدولة ما هو منوط بهما من مسئولية تنفيذية وتشريعية. حقاً لقد ثبت يقيناًَ أن هذا الاصلاح الذي تعمل القيادة السياسية علي تحقيقه وتفعيله مدعومة من شرفاء هذا الوطن. يحتم الالتزام بدعم ومساندة التشريعات اللازمة بمصداقية وأمانة تفعيلا لشعار مصلحة الوطن فوق الجميع.