عندما قرر البنك المركزي برئاسة طارق عامر اطلاق سعر الصرف بالنسبة للجنيه المصري ترتب علي ذلك انخفاض سعر الجنيه بما يزيد علي 100٪. كانت قيمة الجنيه قبل قرار التعويم ثمانية جنيهات لكل دولار وبعد التعويم. قفز سعر الدولار إلي ما يقرب من 18 جنيها. تم استغلال هذه الزيادة من جانب المستوردين والتجار. تمثل ذلك في الإقدام فور صدور قرار البنك المركزي علي تطبيق هذه الزيادة علي كل البضائع والمنتجات المستوردة في السوق والمخازن رغم استيرادها علي أساس سعر الدولار قبل الزيادة. ما تم الإقدام عليه يعكس نزعة الاستغلال والجشع التي تسيطر علي هذه الفئة. انها استهدفت تربح مئات الملايين من الجنيهات علي حساب المواطن المستهلك. تم ذلك في غياب تام من رقابة ومسئولية الدولة التي التزمت بمبدأ .. لا.. أري.. لا أسمع. كان من نتيجة ذلك ارتفاع أسعار كل شيء سواء ما تم استيراده أو يُنتج محليا. تداعيات قرار تعويم الجنيه ووصوله إلي هذا السعر القياسي كان دافعا للتعليق من جانب مدام لاجارد مدير صندوق النقد الدولي. وصفت القيمة المتدنية للجنيه المصري بأنه كان مفاجأة. قالت إن توقعات الخبراء لقيمة الجنيه بعد قرار التعويم كانت في حدود 12 جنيها. إذا كنا نقول إن ماحدث قد حدث لصالح الاصلاح الاقتصادي.. فإن تقبل الشعب لهذه التطورات الصعبة قد اتسم ببطولة خارقة من وجهة نظر المراقبين والخبراء. تمثل ذلك في تحمل النتائج الصعبة التي طالت وحاصرت احتياجاته المعيشية. جاء ذلك من منطلق تفهمه بأن العائد في النهاية سيكون لصالحه وصالح الوطن. قضية سعر الدولار المتجاوز بالنسبة للجنيه يقودني إلي تناول ما سوف تكون عليه الأسعار في الأسواق بعد الانخفاض الذي شهده الدولار في الأيام الأخيرة. من المؤكد ان انخفاض قرش واحد وليس عدة قروش كما حدث يعني توفير مئات الملايين من الجنيهات في عمليات الاستيراد للاحتياجات. إنه وعملا بمبدأ طالع واكل نازل واكل فإن المستوردين والتجار الذين حققوا مئات الملايين مكاسب من ارتفاع سعر الدولار.. يعمدون إلي التنكر والتغاضي عن أي انخفاض في قيمة الدولار. إنهم لا يعترفون بأن هذا الذي حدث وأدي إلي استيراد المنتجات بهذا السعر المنخفض. كان هذا يحتم أن يستفيد المواطن المستهلك من هذا الانخفاض. رغم ذلك فإن هؤلاء المستوردون والتجار.. يصرون علي ضوء الموقف السلبي للدولة علي استمرار الجشع والاستغلال الذي يروح ضحيته المواطن.