يبدو أن علينا (وربما علي العالم كله) ألا ينتظر استقرارا قريبا في السياسة الأمريكية، الرئيس ترامب ينتقل من أزمة إلي أخري، والانقسام يضرب المجتمع السياسي، والارتباك هو سيد الموقف حتي إشعار آخر!! بالأمس أعلن ترامب حالة الطوارئ وهو أمر لا يحدث إلا في الظروف الاستثنائية وفي مواجهة أخطار داهمة، ليحصل الرئيس علي سلطات تمكنه من المواجهة السريعة للموقف. هذه المرة يستخدم ترامب هذا الحق لكي يتمكن من وضع يده علي مخصصات في ميزانية وزارة الدفاع لكي يبني الجدار العازل الذي يفصل أمريكا عن المكسيك بعد رفض مجلس النواب ان يعطيه الأموال اللازمة (5٫7 مليار دولار) لاعتراض الديموقراطيين من حيث المبدأ علي بناء الجدار العازل. الرد جاء سريعا. اعتبر الديموقراطيون قرار ترامب عدوانا علي الدستور.. حيث لا يوجد خطر حقيقي يدعو للطوارئ، وإنما رغبة فردية في تجاوز المؤسسة التشريعية وبناء الجدار لمجرد الوفاء بوعد انتخابي قطعه ترامب لجمهوره!! وفي حين قرر الديموقراطيون »جرجرة» ترامب أمام المحاكم لإلغاء قراره، كان هو يؤكد أنه سيفوز أمام القضاء، معتمدا علي التعيينات التي أجراها وجعلت المحكمة الفيدرالية العليا بأغلبية يمينية. وفي نفس اليوم كان علي ترامب أن يواجه ضربة أخري جاءت هذه المرة من المحقق الخاص في قضية التدخل الروسي في الانتخابات، حيث طلب المحقق »مولر» معاقبة »بول مانافورت» الرئيس السابق لحملة ترامب الانتخابية بالسجن لمدة تصل الي 24 سنة وبغرامات تصل الي حوالي 25 مليون دولار. وكان »مانافورت» قد وافق في البداية علي التعاون مع المحققين مقابل تخفيف العقوبة وإسقاط بعض الاتهامات، لكنه عاد وتعمد الكذب في التحقيقات.. ربما بعد أن فتح »ترامب» الباب أمام إمكانية العفو الرئاسي عنه اذا صمد في التحقيقات التي مازال الجزء الأكبر منها سريا حتي الآن!! اذا لم تحدث مفاجآت، فأمامنا في أمريكا عامان من الانقسام ومن الادارة المرتبكة والقرارات التي تثير المشاكل بأكثر مما تحلها. والأخطر هنا أن القواعد المنظمة للصراع السياسي الامريكي تقليديا تتحطم، أو أن نجد محاولات للهرب إلي الأمام لتحويل الانظار عن الأزمات الداخلية.. خاصة أن موعدالتقرير النهائي من المحقق »مولر» يقترب، وربما تكون المفاجآت فيه أكبر من المتصور حتي الآن!!