لم يمر أكثر من أربع وعشرين ساعة فقط، علي إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية، عن بدئها في الانسحاب من المعاهدة الروسية الأمريكية، بخصوص منع إنتاج ونشر الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدي، حتي بادرت روسيا بالإعلان عن تعليقها العمل بالمعاهدة هي الأخري. وهكذا اشتعلت المواجهة وتصاعدت حدة الصراع بين الدولتين العظميين، وعاد شبح الحرب الباردة وسباق التسلح يدق علي أبواب العالم، وينذر بعواقب خطيرة، لا يقتصر مداها علي الدولتين أمريكاوروسيا فقط، بل سيؤثر علي غالبية إن لم يكن كل الدول. كان الرئيس الأمريكي »ترامب» ووزير خارجيته »موبيو» قد أعلنا يوم الجمعة الماضي، تعليق الالتزام الأمريكي بالمعاهدة، وبدء الانسحاب الأمريكي منها في اليوم التالي السبت، تمهيداً لإتمام الانسحاب بعد ستة أشهر،..، إذا لم توقف موسكو انتهاكها للمعاهدة. وفي أعقاب ذلك، سارع الرئيس بوتين بإعلان الرد الروسي بتعليق العمل بالاتفاقية من جانب بلاده أيضا،..، وأضاف إليه أن روسيا ستبدأ في بناء صواريخ جديدة متطورة أسرع من الصوت، وذلك بعد نفيه للاتهامات الأمريكية بانتهاك روسيا للاتفاقية، وأكد أن أمريكا هي التي تنتهكها. وهكذا أصبح العالم بين ليلة وضحاها يترقب انهيارا مؤكداً لمنظومة الأمن والسلم الدوليين، في ظل المواجهة الأمريكية الروسية التي بدأت بالفعل، والتصعيد غير المحمود الذي يطرأ علي الجانبين. أما المعاهدة موضع الخلاف، فكان قد تم توقيعها في عام 1987، بين الرئيسين الأمريكي »ريجان» والروسي »جورباتشوف»، وتم بموجبها وقف سباق التسلح النووي بين الكتلة الغربية التي تضم دول أوروبا وأمريكا، والشرقية التي تضم روسيا ودول أوروبا الشرقية. وهكذا عادت غيامات وسحب الحرب الباردة وسباق التسلح، تلبد أجواء العالم من جديد بعد غياب دام اثنين وثلاثين عاما.