قال يوسف إدريس في ندوة نقابة الصحفيين حول كتابي الجنوبي، قبل أكثر من عشرين عاما (طريقة السرد والإيقاع ورسم الشخصيات، تضعنا أمام مشروع رواية، أو هي الرواية)... وقال ناقد كبير (لو كانت صبرت شوية، كان ممكن للكتاب ده يبقي رواية مهمة).. ورأي هشام أصلان أن الكتاب (الجنوبي) لا يفرق عن الرواية المهمة، سوي في استخدام الأسماء الحقيقية.. وتساءل هشام صراحة (ما الذي يمنع أن تصنف السيرة رواية؟ هل هو الخضوع لتقليدية ضرورة التصنيف؟.. ماذا لو تغيرت الأسماء الحقيقية لأبطالها إلي أسماء مستعارة؟)!!. وهو ما كرره البعض أيضا (إذا حذفنا الأسماء من الجنوبي، لصارت رواية)!!.. ولا أدري لماذا الإصرار علي إلحاق كتب السيرة بالرواية؟ أو وصفها بالرواية في حال مدحها؟!.. وكأن الرواية هي طموح الكتابة، وكل كتابة دونها.. وكأن الرواية هي مجرد حذف الأسماء من كتب السيرة، وتجريد الأشخاص من ملامحهم المحددة!! أو كأن كتب السيرة هي روايات بأسماء حقيقية وتواريخ وأحداث واقعية!!... لم تشغلني الرواية أبدا، ولم أفكر في كتابتها، أو لم أمتلك أدواتها وموهبتها.. أردت دائما أن أكتب عن أسماء بعينها، وأشخاص بأعينهم، أردت أن أكتب عن وجوه ساطعة وصريحة.. وكانت كل كتبي الصادرة، تتناول أشخاصا محددة.. الجنوبي أمل دنقل.. حكي الطائر ومسرح سعد الله ونوس.. نساء حسن سليمان وصورة الموديل في اللوحة التشكيلية... المدهش أن كل الشخصيات الذين كتبت عنهم، هم شخصيات درامية تماما، أبطال تراجيديون، ساخرون عظام.. لكنهم في رأيي، يستعصون علي الرواية، بقدر سطوعهم ووضوحهم.