في ظني ان اسئلة الرئيس للمحافظ كشفت عن أن بعض التعيينات للمحافظين هي »مكافأة نهاية الخدمة». لم يسقط! لم يسقط سهواً مني عناوين الأهرام نهار الأحد 13 يناير. فالعناوين الرئيسية تقول: السيسي يوجه بانشاء »مجمع نموذجي للأجهزة والمصالح الحكومية بالوادي الجديد» أما المانشيت الرئيسي الثاني فهو »اجتماعات دورية للمحافظات لمتابعة تنفيذ الخطط والبرامج التنموية». لم تتوقف الصحف- وهذا عيب في المتابعة- عند الخبرين، الأول المجمع النموذجي للأجهزة والمصالح والثاني الاجتماعات الدورية لمتابعة تنفيذ الخطط. ويهمني -ككاتب- الاجتماعات الدورية لمتابعة تنفيذ الخطط في المحافظات. اذ أن مغزاها والاشارة اليها ان الرئيس قرر السفر في الداخل أي في ربوع مصر. وهذا »اجتهاد» وليس معلومات. ولكنه اجتهاد أميل الي تصديقه لانها مناسبة مهمة أن يري الرئيس »مصر الداخل»، فربما يذهب لافتتاح عدد من المشروعات الجديدة وربما يختار البداية بأفقر المحافظات وهذا متروك لخطة في ذهن الرئيس وقياداته، ولكنها أن تمت فهي في مضمونها تعني أن الرئيس يتعرف عن قرب وعلي الطبيعة علي ربوع مصر، أما المغزي المعنوي فهو »صحصحة» محليات مصر واللقاء يمثل فرصة ثمينة لمعرفة أوجه الثروات غير المستغلة وكذلك أوجه القصور ووقفه عند آليات تنفيذ الخطط والبرامج التنموية. وتقديري ان السيسي.. »يذاكر» مصر من جديد فضلا عن »هضمه» للمعلومات المتاحة له عبر تقارير وخبرات خاصة وقراءة الأرقام الدقيقة »دون تهويل أوتهوين». أسفار السيسي في ربوع مصر- مثلما يسافر الي الخارج، لها أولوية عنده وهي ذات فوائد عديدة، أهمها »تحريك البحيرات الراكدة» ثم الاستعداد للزيارة الرئاسية المرتقبة تضع المحافظات في حالة »انتباه». واذا كان الرئيس قد اشار الي تعزيز المشاركة المجتمعية في عملية اتخاذ القرار ونقل نبض الحكومة في متابعتها لادارة شئون الدولة، فهو يعلي من قيمة المواطنة وتلبية المقترحات عقب دراستها. أنا أري محافظات مصر تستعد بالارقام- اللغة التي يجيد قراءتها الرئيس أرقام في كل شيء من أول دخل المحافظة الي أوجه إنفاقها إلي عدد الاميين ونسبة البطالة الي ثرواتها وامكانية التنمية. لم يسقط! لم يسقط سهوا مني مانادي به الكاتب النابه أحمد بهاء الدين يوم اقترح »خريطة حضارية جديدة لمصر». ها هو رئيس مصر يفكر في »اجتماعات دورية للمحافظات» ربما ليرسم خريطة لمصر عام 2019.إن السيسي -كما أحاول أن أفهم ذهنيته- بإمعان قارئ جيد »متأني» يهضم السطور والمعاني بحكم خلفيته. نعم، ان هذه الخلفية تفرض عليه فهم التيارات والاتجاهات. انه يقرأ ما يكتبه »الوطنيون والحالمون والمحاقدون والملحدون والشيوعيون والسلفيون» يقرأ مصر »التنوع والاختلاف» ويستشف المضامين الهامة وماتوقفه عند افكار د.ميلاد حنا في أعمدة الحضارة في بناء الشخصية المصرية سوي واحدة بمحطة فكرية رسا قاربه عندها، إن قراءات السيسي لاتتوقف عند كاتب أو مفكر، لكنه وهو الرجل العسكري، يبقي »الاطلاع» علي كل فكر هواية وربما منهج اعود لا اكرر انا »اجتهد» وليس عندي معلومات. السيسي يريد اعادة رسم خريطة لمصر وربما كان عزمه علي »الاجتماعات الدورية» للمحافظات وراء هذا الهاجس المثير في صحافتنا- ولتأذنوا لي فانا واحد من المخضرمين فيها- لم تتابع ما بعد نشر هذا المانشيت بيد أني احتفظت بالعدد الورقي للاهرام لاني باحساس خاص وقد تكون الغريزة الصحفية قادتني لهذا السلوك. وتذكرت الحوار الذي جري بين الرئيس ومحافظ القاهرة في احدي المناسبات وقلت في سري أن هذه فرصة للمراجعة الأخيرة لمذاكرة المعلومات المتاحة لدي السادة محافظي مصر المحروسة تحسبا لاسئلة الرئيس! وفي ظني ان اسئلة الرئيس للمحافظ كشفت عن أن بعض التعيينات للمحافظين هي »مكافأة نهاية الخدمة» لا أكثر، بيد أن منصب »المحافظ» أعمق من ذلك بكثير وان المحافظ، أعلي رتبة ادارية في المحافظة عليه أو يفترض ذلك ان يكون ملما بكل المعلومات. فقد يسأل الرئيس عن النسبة التقريبية للفقر وتعليم الاناث والأمية وسوق العمل. وعلي المحافظ أن يرد إما من الذاكرة أو من مفكرة صغيرة لاتفارق جيب معاليه إن خانته ذاكرته! اتذكر أني عملت مداخلة تليفزيونية علي أحد محافظي الوجه القبلي في الصعيد وقلت ارقاما في موضوع غير الارقام المتفائلة وغير الصحيحة التي ذكرها المحافظ، وقد وصف المحافظ للمذيعة الفاضلة مداخلتي بالكمين! في »الاجتماعات الدورية للمحافظات» التي لم يقرر بعد البدء فيها حسب أجندة الرئيس، لن يكون هناك كمين أو يحزنون انما سيكون هناك مواجهة أو قل مجابهة بين الرئيس والمحليات ولامجال لاخفاء حقيقة أو تطويع نسبة ما أو تجميل قبح ما. والرئيس ليس هو»المفتش العام» الذي يفاجئ المصالح والدواوين، ولكنه رئيس البلاد الذي يرسم بحبر الصدق والحقيقة تعاريج الخريطة المرتقبة لمصر فربما »انعدل» الحكم المحلي بعد طول اعوجاج منذ ذلك »الفساد الذي وصل للركب»! ولاتخلو محافظةمن محافظات مصر من مشاكل وتقصير في العلاج ورؤي غير واضحة المعالم مثل محافظتي المنيا والفيوم، فهل يبدأ الرئيس اجتماعاته بهما، ذلك يتوقف علي اجندة الرئيس وان كانت بداية هامة. وهذا اجتهاد مني وليس معلومات. لم يسقط! لم يسقط مني سهوا أهمية المعلومات والارقام الدقيقة التي تشغل المحافظات في إعدادها قبل »الاجتماعات الدورية للمحافظات». الاجتماع الدوري الذي يحضره الرئيس سواء يفتتح مشروعا أو يرسم خطة تنمية في أي مجال تتميز به المحافظة مثل »الاثاث» في دمياط و»الجرانيت» في بني سويف. وليس هناك وقت يضيع في المجاملات ولا الخطب الطويلة. الزيارة للتعرف علي »مقدرات» المحافظة وامكانياتها المتاحة وكيفية »تحريك الجمود وإتاحة الحركة الضرورية واللازمة» وفي وجود أعلي سلطة في البلاد قد تتم في الحال قرارات هامة، خصوصا ان الرئيس سيصحب معه وفدا عالي المقام في مقدمته »دولة رئيس الوزراء» رئيس الجهاز التنفيذي. فبعد كل زيارة- فيما اتصور- جهد يبذل وتليه المتابعة. هناك دائما - حسب معلوماتي- بحجة معايشة ومعاشرة لاكثر من عصر- مطالب بالكوم لكل محافظة بعضها مادي وبعضها يدخل في بند المعنويات وعلي المحافظ »غربلة» هذه المطالب فلا يفاجيء الرئيس بمطالب اكثرمن الواجبات. لم يسقط مني الاشارة الي ثروات المحافظات، ليست ثروات المحافظة الطبيعية فحسب، بل ثروات رجال الأعمال في الصعيد. سألت مرة رجل الاعمال الكبير أنسي ساويرس لماذا لاتستثمر في الصعيد؟ رد وقال »لان الصعيد غير ممهد للاستثمار» ولابد أن أنسي ساويرس يدرك طبيعة الصعيد وأوجه قصوره. هذه لمحة من أوجه قصور في صعيد مصر الأكثر احتياجا. لقد طال إهمال الصعيد حتي أن الرئيس عبدالناصر عين أحد رجاله أمينا للوجه القبلي وعين أمينا للوجه البحري، ومع ذلك ظل الصعيد علي ما عليه رغم ملامح إصلاح تلوح في الأفق، ولكن تظل هناك »هوة» بين مصر وصعيدها علي المستوي الحضاري والثقافي! لم يسقط! لم يسقط سهوا مني دور إعلام مصر في »الاجتماعات الدورية للمحافظات» فهو ينقل الزيارة ووقعها علي الناس وفي نفس الوقت يستطلع رؤي الكتلة السكانية فيما يطرحه الرئيس من أفكار يدور حوله حوار مجتمعي كلما أتيح ذلك. وبعد.. أنا أري »الاجتماعات الدورية للمحافظات». 1- نهر اهتمام يجري بين دفتي الوادي والمحافظات الرابضة فوق شاطئه. 2- حصر أعلي سلطة في البلاد لأوجه القصور ومد جسور الاصلاح وتعميق المواطنة والأيدي صانعة الحضارة. 3- إثارة روح التبرعات التي تذهب لاحتياجات المحافظة ذاتها. 4- تعظيم استغلال ثروات كل محافظة علي حدة وتوظيفها وتصنيعها ليدخل بند الصادرات وفقا لما تتميز به كل محافظة. 5- تعميق المؤسسات الثقافية وضرب الأمية وإعادة تشغيل قصور الثقافة لضرب الارهاب حيثما ينمو. 6- من اجل صعيد جديد ومدن ساحلية نشطة، تتم زيارات الرئيس ربوع البلاد وتكلل بالسلامة والنجاح وتجدد الأمل الذي نتحرش به ولانمل!