مما لا شك فيه أن تركيا الآن تحتل المكان الأول والأعظم كدولة كبري في الشرق الأوسط، ونظراً للوعي غير العادي الذي يتمتع به رئيسها رجب طيب أردوغان، والعقل المتفتح والمتوقد لوزير خارجيتها أحمد داوود أوغلو الذي يصفوئه في الأوساط الغربية الآن بأنه كيسنجر تركيا وزيارته لمصر ما كان يجب أن تحتل منا اهتماماً إعلامياً يستغرق يومين فقط، لأن القرار الاستراتيجي الذي اتخذته تركيا أثناء الزيارة وأعلنت عنه في كل مكان بعدها هو اختيارها لمصر لتكون شريكاً متميزاً لها، وأنها ستبذل كل الجهود الاقتصادية لدعم الاقتصاد المصري ولخلق محور مصر تركيا... ومن حسن الطالع أن يمثل أنقرة في مصر سفير متميز مثل حسين عوني بوتسالي الذي هو بطبيعة الحال صانع المادة الأولية التي يبني عليها صناع القرار التوجه الذي يضع العلاقات في مكان صحيح. إن ما وضعته تركيا تحت تصرف مصر سيتدرج إبتداء من هذا العام ثم من مليارين إلي خمسة ثم إلي عشرة مليارات دولار، إذا ما ستعطيه تركيا لمصر لا يقل عما تعطيه المجموعة الأوروبية وعما وعدت به فرنسا، وما وعدت به أمريكا قبلها. أولاً: عناصر التميز في القوة الاقتصادية والسياسية لتركيا: 1) أن تكون حليفا داخل حلف الأطلنطي ومع الولاياتالمتحدة ولكنها مستقلة الرأي وحين تطلب منها أمريكا أن تتفهم الموقف الإسرائيلي الذي تحدي كبرياء تركيا في حادث الإعتداء علي مواطنيها علي قافلة الإغاثة في مياة غزة، نفس الإرادة السياسية رفضت أن تقبل منطق الأممالمتحدة الذي رفض أن يدين إسرائيل في هذا الموقف. 2) نقطة تميز كبري وهي أن المجموعة الحاكمة هي مجموعة إسلامية الهوي والإنتماء ولكنها تؤمن في الوقت نفسه بمدنية الدولة والفصل بين الدين والدولة. 3) أما عن الإرادة القوية لرجال الأعمال الذي قال عنهم أحد رجال الأعمال المصريين أثناء مؤتمر رجال الأعمال المصري التركي الذي عقد في أحد الفنادق الذي نظمه الاتحاد العام للغرف التجارية أنهم أصبحوا مثل قوة الألمان في البناء والفكر الاقتصادي خاصة في احترامهم للنظام وتطبيقه. وكان ملفتا للنظر أن أحد رجال الأعمال المصريين الإسلاميين حينما أراد أن يخلط الأوراق في كلامه مع أحد رجال الأعمال المسلمين الأتراك ليستنتج منه أنهم غير مرتبطين بالدولة المدنية فرد ردا حاسما قاطعا يفرق بين الإنتماء الإسلامي ومدنية الدولة . هل يمكن لي أن أدعو الملاحظين السياسيين والاقتصاديين أن يعقدوا مقارنة بين تركيا المنافسة لليونان منذ عقود من الزمن ليكتشفوا أن تركيا لديها القدرة الاقتصادية لتنمية اقتصاد كثير من الدول العربية والشرق الأوسط في حين أن اليونان تعقد المجموعة الأوروبية اجتماعا شهريا في محاولة إيجاد طرق لإنقاذ اقتصادها من الانهيار؟ ثانيا: اقتراح محدد لتدعيم التعاون الإعلامي المصري التركي: أما وقد تحدد حجم التعاون التركي المصري اقتصاديا وسياسياً بقي بتجربتي الإعلامية أن أسمح لنفسي أن أضع أمام بعض زملائي الذين سأقترح لهم في وقت قريب أن أضع أمام صديقي سفير تركيا اقتراحا بإقامة جمعية إعلامية تركية مصرية لتساهم في رفع مستوي الوعي لدي الشعبين المصري والتركي بأهمية التعاون، لا سيما وأنني سأضع بعد ذلك أمام زملائنا من الإعلاميين الأتراك نفس الفكرة، وسأذهب إلي الأسلوب الذي طبقته في فرنسا منذ أكثر من عشرين عاما حينما أنشأت الجمعية الفرنسية العربية للصحافة، واتفقنا فيما بيننا أن هذا النوع من الجمعيات هو تعاون مهني في المقام الأول، أي أنه يريد أن يكرس الوقت والجهد والمهنية بشكل حرفي أساسا. كلمة حق لصالح السفيرة هبة سيدهم كتبت الزميلة انتصار دردير تغطية صحفية عن جولة ناجحة ومشرفة لأوركسترا النور والأمل للمكفوفات في عدة مدن أوروبية بالمجر وسلوفينيا والنمسا. وسعدت بما كتبته والصورة المشرفة التي أعطتها لنجاحاتهم، لا سيما في النمسا وانتقدت السفيرة هبة سيدهم لتغيبها عن حضور الحفل. ولأني أعرف نوعية أداء السفيرة هبة سيدهم، فقد اتصلت بها مباشرة لأعرف خلفيات هذا الموضوع وعرفت أنها وصلت تقريباً قبل الحفل، أما المعلومة الثانية فهي غياب أي ميزانية في السفارة لتغطية الحدث، وأن البرامج التي تساعدها حتي علي طبع وتوزيع الدعوات لم تصل إلا صباح يوم الحفل، فضلاً عن أن الدعوة كانت لمكان يبعد عن العاصمة ساعة ونصف. كلمة حق لا تمنعني من إعجابي بما نشرته الزميلة انتصار دردير عن الموضوع ككل. إذاً أردت أن أعبر بهذه الكلمة عن تقديري لسفيرة خدمت الجمعيات الأهلية علي مدي سنوات، وكانت خير وسيط بينهم وبين الجهات الحكومية. وتقديري أيضاً أكرره لزميلة كتبت فأحسنت. ولا أنسي أن أوجه تحية إعجاب للأستاذ حسام نصار وكيل أول وزارة الثقافة لمساهمته الكبري في إنجاح هذا الحفل.