حدث كبير تشهده مصر علي مدار أيام 7 و8 و9 ديسمبر الجاري، في مدينة شرم الشيخ، باستضافتها لمنتدي أفريقيا 2018، في نسخته الثالثة تحت عنوان »القيادة الجريئة والالتزام الجماعي.. تعزيز الاستثمارات البينية الأفريقية»، الذي ينعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجاء امتدادًا للنجاح الذي حققته مصر في استضافتها لفعاليات المنتدي العامين الماضيين، واللذين شكلا نقطة هامة في تاريخ التكامل الاقتصادي لإفريقيا، والتي كان من أبرز نتائج المنتدي الأول تأسيس منطقة للتجارة الحرة والتي تضم في عضويتها 26 دولة. ويتميز مؤتمر هذا العام بتنظيم جلسات حوارية رئاسية حصرية مع الرؤساء الأفارقة والرئيس التنفيذي للمؤتمر، بالإضافة إلي تنظيم يوم رواد الأعمال الشباب والمرأة، ويشارك في المؤتمر نحو 2000 شخص ممثلين عن شركاء مصر في التنمية، ورجال الأعمال والمستثمرين وشخصيات رفيعة المستوي في مجال الأعمال من المصريين والأفارقة وجميع أنحاء العالم، بهدف تحفيز الاستثمار في القارة الأفريقية. كما يأتي المنتدي مع تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، لتصبح ثاني دولة في إقليم شمال أفريقيا تتولي رئاسة الاتحاد بعد ليبيا في عام 2009، وتولي البنك المركزي رئاسة جمعية البنوك المركزية الأفريقية لأول مرة، بما يعني القدرة علي التعاون المشترك فيما يخص السياسة النقدية، والكثير من القضايا الأفريقية، ووضع الاتحاد الأفريقي خطة 2063 ومنها تطوير البنية التحتية المشتركة، والتي تحتاج إلي تريليون دولار، وغيرها من الجهود الأفريقية المشتركة التي تهدف إلي تحقيق التنمية في القارة السمراء، وأسست مصر »الوكالة المصرية للشراكة مع أفريقيا من أجل التنمية» التي جاء كآلية للعمل في القارة، وبدأت عملها في الأول من يوليو 2014، بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 959 لسنة 2013، حيث تم دمج كل من الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا، والصندوق المصري للتعاون مع دول الكومنولث في كيان واحد. ومن جانبها قالت هبة سلامة، المدير الإقليمي لوكالة الاستثمار التابعة للكوميسا:»لا تزال الكوميسا، التي تضم الآن 21 دولة بعد انضمام تونس والصومال هذا العام، تلعب دورًا رائدًا في تعزيز التكامل الاقتصادي لأفريقيا، وباعتبارنا واحدًا من أكثر المجتمعات الاقتصادية الإقليمية تأثيرًا في إفريقيا، فلدينا دور محوري في التعامل مع قادة الأعمال والمستثمرين ». وأضافت:» نثمن الدور المحوري لمصر في دعم العلاقات الاقتصادية بين الدول الإفريقية، وأشارت إلي أن المنتدي هذا العام يعكس التفاعل الاستباقي لمصر مع القارة استعدادا لتولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي في عام 2019،ويبرز التزام مصر لصالح قضايا القارة الإفريقية. وأوضحت سلامة، أن المنتدي سيضم مجموعة واسعة من المتحدثين المرموقين علي مستوي القارة والعالم،لمناقشة قضايا ذات أهمية حاسمة لتنمية إفريقيا وتشمل »الطاقة، التجارة، السياحة،اللوجستيات،البنية التحتية، والصناعات الإبداعية» بالإضافة إلي تسليط الضوء علي شراكات الاستثمار العالمية وخلق فرص تعاون أكبر للقارة الإفريقية مع المجتمع الدولي مؤكدة علي ثقتها الكاملة في امكانيات القارة الإفريقية وقدرتها علي تعزيز العديد من الفرص الاستثمارية التي تخلق فرص عمل وتعمل علي تنمية مواردها المالية والبشرية. وأجمع خبراء الاقتصاد علي أهمية المنتدي، وكذلك اتفاقية الكوميسا للاقتصاد المصري، التي أدت إلي توسيع قاعدة الصادرات المصرية أفريقياً، إضافة إلي فتح أسواق جديدة في شرق وجنوب أفريقيا، وإيجاد الآليات المناسبة للتغلب علي المعوقات والتحديات التي تواجه زيادة فرص الصادرات المصرية والسلع المصنعة أو السلع الزراعية واختراق أسواق الدول الأعضاء بالاتفاقية. في البداية أكد د. وليد جاب الله الخبير الاقتصادي، أن الكوميسا هي منطقة تجارة تفضيلية تستهدف تخفيف القيود الجمركية ومنح مزايا تجارية لعمليات التبادل التجاري بين الدول الأعضاء العشرين وفقاً لقاعدة المُعاملة بالمثل لاستهداف خلق سوق تجارية حرة بمنطقة شرق وجنوب إفريقية.. وأشار الخبير الاقتصادي، إلي أن مصر تسعي للاستفادة من عضويتها في الكوميسا من خلال استخدامها كوسيلة جذب للمستثمرين الراغبين في النفاذ لدول المجموعة من خلال إقامة مشروعاتهم بمصر.. ومن جانبها قالت د. نور الشرقاوي الخبيرة الاقتصادية، أن إقامة منطقة تجارة حرة بين دول الكوميسا خطوة هامة لإنشاء السوق الإفريقية المشتركة، مضيفة أن أهمية اتفاقية الكوميسا للاقتصاد المصري تأتي من خلال التوسع في القاعدة التصديرية داخل إفريقيا وفتح أسواق جديدة في شرق وجنوب إفريقيا.. وأضافت الشرقاوي، أن الاتفاقية نصت علي عدة التزامات أهمها تخفيض الرسوم الجمركية تدريجياً إلي أن يتم إلغاؤها بالكامل في إطار منطقة التجارة الحرة بين الدول الأعضاء، مشيرة إلي أنه كذلك يمكن الاستفادة من المساعدات المالية التي يقدمها بنك التنمية الأفريقي، وغيره من المؤسسات المالية الدولية الأخري، في إحلال الواردات من تلك الدول محل الواردات من العالم الخارجي. وقال د. مصطفي أبو زيد الخبير الاقتصادي، أن القيادة السياسية المصرية حريصة علي تحقيق تعاون فعال بين الدول الأفريقية وتحقيق التنمية، بما ينعكس إيجابا علي حياة الشعوب الأفريقية لذلك تأتي أهمية اتفاقية الكوميسا في زيادة فرص التبادل التجاري بين مصر والدول أطراف الاتفاقية، الأمر الذي يؤدي إلي خفض عجز الميزان التجاري المصري من خلال تشجيع الفرص المتاحة لفتح أسواق تصديرية جديدة لمصر في تلك الدول والاستفادة من اتساع حجم السوق وزيادة فرص التجارة. وأضاف أبو زيد، أنه يجب التعرف علي المزايا النسبية، التي تتمتع بها دول الكوميسا والاستفادة منها في إحلال الواردات من تلك الدول محل الواردات من العالم الخارجي دعماً وتشجيعاً للتبادل التجاري مع دول الكوميسا، والاستفادة من إزالة الحواجز والعوائق أمام التجارة ونظم وآليات دعم تمويل الصادرات بدول الكوميسا من خلال تحسين سبل دخول الأسواق وخلق مجال تجاري واستثماري منفتح في ظل اتفاقية التجارة الحرة والاتحاد الجمركي.