موجة جفاف في استراليا أضرت بمحصول الفول هناك، فكانت النتيجة أن تضاعف سعر الفول في أسواق مصر، وواجهت وزارة التموين مشكلة كبيرة في توفيره لمحدودي الدخل علي بطاقات التموين بعد أن امتنع الموردون عن تسليم الكميات المطلوبة بالأسعار القديمة. المشكلة تكشف عن بعض وجوه الخلل في السياسة الزراعية عندنا، سلعة أساسية مثل الفول يتم استيراد ما يقرب من 90٪ من احتياجاتنا. والأغرب أن يطالب الخبراء في العام الماضي بزيادة مساحة الأراضي المزروعة بالفول والتي كانت تزيد علي 400 ألف فدان، فإذا بها في العام الحالي لا تتجاوز 75 ألف فدان فقط!! المشكلة تتكرر في العديد من المحاصيل الأساسية. يقبل الناس علي زراعة محصول معين أملا في الربح. تضرب الآفات أو البذور الفاسدة المحصول. تكون النتيجة بعد ذلك التراجع عن زراعة هذه المحاصيل والاعتماد علي الخارج حتي تحدث أزمة مثل أزمة الفول واستراليا!! في فترة قصيرة تعاقبت أزمات الطماطم ثم البطاطس والبصل، وهناك تحذيرات بأن محصول الفاصوليا ضربته الآفات. ونداء من الفلاحين بالاهتمام بالمحصول الأهم وهو محصول القمح وحمايته من أي سوء. التأثيرات المناخية موجودة لدينا ولدي العالم. لكن ما يقلق عندنا أن نري الفلاح المنتج وحيدا أمام مافيا التجار من ناحية، ومافيا المبيدات والتقاوي من ناحية أخري. غاب دور الجمعيات التعاونية. وغابت الخريطة الواضحة لسياسة زراعية تركز علي المحاصيل الأهم وتشجع علي زراعتها. وغاب أيضا دور الارشاد الزراعي حول مقاومة الآفات والاستخدام الآمن للمبيدات. في زمن مضي كانت هناك برامج في الاذاعة وارشادات في التليفزيون. الآن يتصور البعض أن معركة »حمو بيكا» أهم وأكثر جماهيرية عن مخاطبة الفلاح وارشاده لزراعة أفضل له وللدولة. لدينا أفضل خبراء الري والزراعة. ولدينا أعظم فلاح عاشق لأرضه. ولدينا مراكز بحوث بها خبرة العلماء.. ومع ذلك يقول وزير الزراعة إننا لا ننتج تقريبا شيئا من تقاوي الخضر والفاكهة، ونستوردها بمليار دولار سنويا. ويدوخ وزير التموين مع الموردين لتوفير سلعة مثل الفول بسعر معقول. هناك جفاف في استراليا. لكن هناك أخطاء ومشاكل عندنا.. تحتاج للمواجهة والحلول الحاسمة.