الحياة ليست » أكل وشرب » فقط، ولكنها منظومة متكاملة تشمل أيضاً الصحة والتعليم والخدمات، وتوفير أكبر قدر من »الراحة»، وفي مصر تحدث إنجازات تخفف من وطأة الظروف المعيشية، أهمها - مثلاً - الحرب ضد فيروس سي، الذي حطم حياة »خُمس» الأسر المصرية، وأفقرها وأصابها بالذعر، وكانت كل أسرة فيها من يعاني من هذا المرض اللعين، تعيش أهوالاً ومأساة حقيقية.. وآلاف المشروعات الأخري التي لا يتسع المجال لسردها. البيئة المحيطة تشهد تحسناً مطرداً، في مشاكل وأزمات متوارثة ومزمنة، بفعل الزمن والإهمال، ولا يمكن علاجها بعصا سحرية، وبمرور الوقت يلمس الناس بأنفسهم تحسناً. من يراهنون علي استعادة أجواء 25 يناير خاسرون، فقد تولد لدي الناس اقتناع »عن تجربة»، بأن هذا البلد لو تعرض لمكروه - لا قدر الله - فلن تقوم له قائمة.. ويثقون - رغم ضراوة التشكيك- أن مصر قادمة، قوية متعافية، بسواعد أبنائها. الأحلام اليائسة ! واقعياً.. قيادات الإخوان في السجون، وتتخبط الكوادر الهاربة في الخارج، في معركة »الأحلام اليائسة»، وينسجون أوهاماً ضخمة حول »استرداد الثورة» وعودة المعزول، ويخيل لهم بفعل هواجس الغربة والاغتراب، أن مصر ترقص فوق صفيح ساخن، غضباً لرحيلهم وأملاً في عودتهم، دون إدراك للمتغيرات التي تحدث. وواقعياً.. الحياة تمضي والناس يملأون الشوارع والأتوبيسات والمقاهي والأسواق، ولا أحد يفكر في الإخوان، ولكن مرض »الغباء السياسي» المزمن الذي يلازمهم منذ نشأتهم، يجعلهم يهربون من الواقع، إلي عالم »الأحلام اليائسة» ! الغرف الشيطانية ! بفحص أسماء الشركات الإخوانية التي تمت مصادرتها مؤخراً، يمكن أن نفهم من أين تجئ الشائعات، فمعظمها تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتصميم المواقع الإخبارية، بما يعني أن جزءاً كبيراً من صناعة الرأي العام، يخضع لما تبثه هذه الغرف الشيطانية. وراء كل خبر شائعة، فإذا اقتربت المدارس، الحقوا: اشتراكات الطلاب في المترو سوف يتم إلغاؤها، وإذا تمت تنقية البطاقات التموينية، أثاروا شائعات إلغاء الدعم.. وهكذا من الصباح الباكر حتي آخر الليل، لا يتركون شيئاً دون مطاردته بشائعة. الهدف: إصابة الناس باليأس والإحباط، ثم الغضب والتمرد، أملاً في تهيئة الأجواء، لعودة طقوس يناير.. »الحذر يقي الضرر». البقرة المبروكة والحمراء ! كما ظهرت في إحدي قري البحيرة منذ فترة، بقرة مصابة بخلل هرموني، فأضفي عليها الناس البركة، ووقفوا أمام منزل صاحبها بالطوابير، للحصول علي قطرات من لبنها تحدث المعجزات. ظهرت في إسرائيل منذ أيام »بقرة حمراء»، قالوا أنها من علامات يوم القيامة، بعد حرقها وتطهير الأماكن المقدسة برمادها، وهدم جزء من المسجد الأقصي وبناء الهيكل إيذاناً بقرب يوم القيامة. المبروكة »خرافة» الناس الطيبين، ولكن »الحمراء» مؤامرة صهيونية، يقودها الحاخامات، لاستكمال مسلسل التهام القدسالشرقية، وإذا أردت أن تعرف ماذا تخطط إسرائيل، فتش في عقول حاخاماتها. الأحزاب المجهولة ! أحتاج خبيراً يشرح لي خريطة الأحزاب السياسية في مصر الآن، ومن الذي يدخل ومن الذي يخرج، ولماذا العملية أشبه باللوغاريتمات ؟ مصر لا ينفع أن يحكمها حزب واحد، يحتكر الممارسة ولا يترك للآخرين متنفساً، وكانت خطيئة الحزب الوطني الاحتكار، ثم الاحتماء خلف الأغلبية الوهمية، التي لم تصمد في يناير، وتساقطت مثل أوراق الخريف، وقبلها بسنوات حدثت أكبر هرولة سياسية، من »حزب مصر» إلي الحزب الوطني، لأن الرئيس السادات، قرر أن يرأس بنفسه الحزب. انتخابات البرلمان تقترب، والأحزاب غامضة ومجهولة بالنسبة لرجل الشارع، والوجوه غير معروفة.. وآن الأوان أن يُرفع الستار، حتي عن حزبين، يصفق لهما الجمهور.