ظن الكثير من عشاق فن الهمس المسموع أنه مع انطلاق وتعدد القنوات الفضائية وتقنيات البث الجديد.. وظهور إعلام مرئي خاص في تلك الفترة أن تحاول الإذاعة المصرية أن تطور من نفسها بتحديث برامجها واكتشاف مواهب جديدة في التقديم الإذاعي والإعداد وتكنولوجيا الصوت وغيرها ، ورغم ما قيل ويتردد عن محاولات الإذاعة للانطلاق والتطوير بأسلوب برمجة جديدة.. إلا أن كل الشواهد والآراء أكدت تراجع دور الإذاعة في الفترة الأخيرة.. ليس بسبب التقنيات الحديثة وتعدد الفضائيات وإنما بسبب العمل الإذاعي وتردي حالة المسئولين عن الإذاعة نفسها.. ويجب ألا ننسي أن الإذاعة كانت في يوم من الأيام في أوج ازدهارها مسئولة عن إنتاج الأغاني، وكان هناك انتقاء لوجود ما يسمي بلجنة النصوص وكانت تجيد اختيار الكلمات والملحنين وهم من جيل العمالقة أمثال عبدالوهاب، السنباطي، كمال الطويل، الموجي.. ثم تكتمل الدائرة بالمطرب وذلك حينما كانت الإذاعة هي المسئولة عن الإنتاج.. فكان هناك مستوي معين شائع في أذواق المستمعين في اللحن والغناء ومع عصور الانفتاح رفعت الإذاعة يدها وأصبح رجال الأعمال في شركات الكاسيت هم المتحكمون في إنتاج الغناء وانتشر غناء الميكروباصات وأصبح هناك حالة من ندرة الذوق وافتقاد الفن الذوق الشعبي جعله لم يعد قادرا علي فهم الموسيقي المركبة.. حتي الشركات التي كانت موجودة مثل صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات كانت تساهم وكذلك الشركات المملوكة للفنانين مثل صوت الفن التي كانت مملوكة للعندليب عبدالحليم حافظ.. وكان المستوي يجبر من يحاولون في هذا الاتجاه أن يكونوا كبارا.. حيث كان هناك تيار في الثقافة يجعل الأشياء إما صالحة أو غير صالحة .. كما يجب الإشارة اليوم مثلا نجد رؤساء قنوات ثقافية لا علاقة لهم بالثقافة.. وأصبح مبني التليفزيون خاويا رغم وجود سباقات كثيرة يتابعها الناس .. وأؤكد أنه لو أراد القائمون علي الإذاعة وعلي رأسهم نادية مبروك رئيس الإذاعة عمل نهضة حقيقية لها لبحثوا عن الجيدين للاستفادة من أفكارهم المتطورة في التأليف والإخراج وتحديث البرامج والتميز في التقديم الإذاعي والإعداد، والغريب أنه تضاعفت الرواتب داخل مبني ماسبيرو وفي المقابل لا نجد تطويرا إعلاميا لا في الإذاعة ولا في التليفزيون سواء في أفكار البرامج وتحديثها ولا حتي في طرق التقديم وشياكة وحسن الظهور خصوصا بين المذيعات.. كفانا إهمالا لأن الكفاءات الإعلامية طار معظمها إلي الفضائيات الخاصة.