اعرف مرشحك.. أسماء المرشحين في انتخابات الشيوخ 2025 بجميع المحافظات | مستند    طب قصر العيني يبحث مع مسؤول سنغالي تعزيز التعاون في التعليم الطبي بالفرنسية    ما مصير أسعار الذهب الفترة المقبلة؟ الشعبة توضح    Carry On.. مصر تقترب من إطلاق أكبر سلسلة تجارية لطرح السلع بأسعار مخفضة    وزير الكهرباء يبحث الموقف التنفيذي لتوفير التغذية لمشروعات الدلتا الجديدة    زيلينسكي: روسيا أطلقت أكثر من 300 غارة جوية على أوكرانيا    الإصلاح والنهضة: الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية حجر الزاوية لاستقرار المنطقة    لويس دياز يتمسك بالرحيل عن صفوف ليفربول    تصاعد كثيف للدخان.. حريق يلتهم مخزنًا في البدرشين | صور    الطقس غدا.. انخفاض الحرارة وارتفاع الرطوبة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    الأوقاف في ذكرى اكتشاف حجر رشيد: شاهد على سبق الحضارة المصرية    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    بالصور.. نانسي عجرم تستعرض إطلالتها بحفل زفاف نجل إيلي صعب    إلهام شاهين وابنة شقيقتها تحضران حفل زفاف في لبنان (صور)    أسباب الشعور الدائم بالحر.. احذرها    أسيل أسامة تحصد ذهبية رمي الرمح بالبطولة الأفريقية في نيجيريا    محافظ المنيا يتفقد سير العمل بمحطة رفع صرف صحي بقرية بردنوها    طفل يقود تريلا.. الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم | فيديو    تعاون أكاديمي جديد.. بنها ولويفيل الأمريكية تطلقان مسار ماجستير في الهندسة    إصابة 20 شخصًا إثر حادث دهس بلوس أنجلوس    القاهرة الإخبارية: وقف الحرب لم يضع حدًا للاشتباكات في السويداء    الحكم على الرئيس البرازيلي السابق بوضع سوار مراقبة إلكتروني بالكاحل    رسالة مؤثرة وتحية ل"الكينج".. أنغام تتألق بافتتاح مهرجان العلمين الجديدة    محافظ البنك المركزي يشارك في الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين "G20"    وزارة الصحة": إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار منذ انطلاقها في يوليو 2018    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    الاستهدافات مستمرة.. غزة تدخل مرحلة الموت جوعًا    تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق النبطية والحدود الجنوبية للبنان    اندلاع حريق داخل مخزن فى البدرشين والأطفاء تحاول إخماده    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    سلاح أبيض وخلافات زوجية.. إصابة شابين بطعنات في مشاجرة بقنا    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    بعد فسخ عقده مع القادسية السعودي.. أوباميانج قريب من العودة لمارسيليا    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    «سباكة ولحام ونجارة».. بدء الاختبارات العملية للمرشحين للعمل في الإمارات (تفاصيل)    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    «350 من 9 جامعات».. وصول الطلاب المشاركين بملتقى إبداع لكليات التربية النوعية ببنها (صور)    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    البطاطس ب9 جنيهات.. أسعار الخضروات والفاكهة اليوم السبت في سوق العبور للجملة    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام لها تاريخ

لا أدعي انني صاحب هذا العنوان، ولكنه اسم كتاب، لأستاذنا الكبير أحمد بهاء الدين، جمع فيه رؤيته لعدد من الأيام التي حملت مناسبات مهمة، تمثل احداثا مفصلية.
في حياتنا أيّام مختلفة ليست ككل الأيام، لها ذكريات خاصة لاتنسي، وبصمات تظل في الذاكرة ماثلة أمامنا رغم مرور السنين، وقد لايختلف الأمر كثيرا بالنسبة للصحفي، سوي أنه يعيش احداثا متغيرة مرتبطة بالظروف العامة، وهي في حياتي الصحفية التي اقتربت من الأربعين عاما، أكبر من أن تعد أو تحصي، بحكم تنوع الأحداث التي عشتها، والقضايا التي حرصت علي تغطيتها، وفِي هذه اليوميات أتوقف عند يومين، كانت كل منها علامة فاصلة ليس علي المستوي الشخصي، ولكن علي الصعيد السياسي المصري والعربي، أولها في 21 ديسمبر 1983 تاريخ أول زيارة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلي بورسعيد، بعد خروجه من طرابلس في لبنان، ولقائه في القاهرة مع الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث مثلت الضربة الأولي في جدار المقاطعة العربية لمصر، بعد عقدها لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في زمن أنور السادات، وثاني تلك الأيام 18 يوليو 1988 عندما أعلن آية الله الخميني تجرعه للسم، والقبول بقرار مجلس الأمن رقم 598 بوقف إطلاق النار، ونهاية حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق، وكنت يومها عائدا من جبهة القتال، شاهدا علي انتصار العراق في معركة النهاية في الزبيدات.
الأحد: اللقاء الأول
منذ عملي الصحفي، وأنا اتمني لقاء الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، سعيت إلي ذلك أكثر من مرة، فات مني زيارة وفد شعبي مصري زاره في لبنان عام 1982 أثناء حصار إسرائيل للعاصمة بيروت، ولم تمر سوي أشهر قليلة بعد خروجه من بيروت وذهابه إلي تونس، ومنها عودته متخفيا إلي طرابلس، للإنضمام إلي قوات الفصائل الفلسطينية، التي تدافع عن الشرعية ضد محاولات إنهاء الوجود الفلسطيني في لبنان، وهذه المرة بأيد فلسطينية منشقة عن الصف، خارجة علي شرعية منظمة التحرير، بدعم سوري واضح وصريح، نجح عرفات في مهمته في الحفاظ علي وحدة الصف الفلسطيني، ولكن شدة الضربات والهجمات علي قواته وتدخلات دولية وعربية، أقنعته بالخروج من طرابلس، وكان عليه أن يذهب بقواته إلي اليمن مرورا بقناة السويس، ومدنها الثلاثة بورسعيد والسويس والإسماعيلية، ومن هنا حانت فرصة اللقاء الأول.
ولعل من حسن الطالع أن يوم اللقاء كان 21 ديسمبر 1983، احتفال مصر بالانتصار علي قوات العدوان الثلاثي في معارك 1956 حيث جرت اتصالات مكثفة علي الصعيد السياسي، أسفر عن موقف تاريخي يذكر للرئيس الأسبق حسني مبارك، عندما ساهم في الجهود المبذولة لتوفير خروج آمن وكريم لعرفات وقواته من طرابلس، مع حماية من القوات البحرية المصرية بعد دخوله المياه الإقليمية، اتذكر اننا تجمعنا مجموعة من الصحفيين، يحدونا الأمل في اللقاء بعرفات في ظل غياب تام لمعلومات مؤكدة عن سير الرحلة، هل سيزور هو وأكثر من 3، 5 ألف من رجاله وأسرهم، الذين خروجوا معه علي متن ثلاث سفن بورسعيد؟ أم سيتم رحلته إليّ اليمن؟ وبعد مجموعة من الاتصالات اثناء تجمعنا في مقر هيئة قناة السويس، تقرر أن نستقل احد اللنشات مع محافظ بورسعيد في ذلك الوقت السيد سرحان، للقاء عرفات علي بعد 18 ميلا من ساحل بورسعيد، وكانت اللحظة الأهم عندما قدم المحافظ أخت عرفات الحاجة خديجة، التي كانت معنا في اللنش، لتجري أول اتصال بالزعيم الفلسطيني عبر اللاسلكي، وجاء صوته محييا أخته »أهلين أهلين. كيف أحوالك »‬وردت عليه »‬نحن بخير ونلقي هنا كل رعاية واهتمام من المسئولين وكل أفراد الشعب المصري»‬، فجاء صوته هادئا مفعما بالتأثر »‬يال الشعب الطيب.. يال الشعب الكريم»، وأكدت الحاجة خديجة عليه ضرورة لقاء الفلسطينيين، وهم في انتظاره في بورسعيد، فقال »‬إن شاء الله»
وانتهي الحوار الأسري ليبدأ الرسمي بين أبو عمار والسيد سرحان، الذي رحب به باسم الشعب المصري، ليرد أبو عمار »‬الله يبارك فيكم أشعر بالدفء أمام هذه الأصالة، لن ننسي مواقف شعب مصر وقائد مصر، الذي وقف معنا بجانب كل الشرفاء والاحرار»، وبعدها بدقائق كنّا جميعا علي سفينة عرفات، ويطلق عليها سانتورس، حيث استقبلنا المقاتلون الفلسطينيون بالهتافات »‬تحيا مصر عربية.. تحيا مصر عربية... بالروح بالدم نفديك يابو عمار» واتسم اللقاء الأول بمشاعر إنسانية فياضة خاصة عندما ربط المحافظ بين الزيارة وذكري انتصار بورسعيد، فغالب أبو عمار دموعه وهو يقول »‬لقد ذكرتني ياسيادة المحافظ، بأنني كنت ضابطا احتياطا في الجيش المصري.. لي في قلب كل مصري مكان، مثلما يوجد مكان في قلب كل فلسطيني للمصريين، إنني أعود إلي مصر قلب العروبة والإسلام، لا عرب بدون مصر، فهي العمود الفقري الذي يمسك بوحدة العرب، نحن لن نسمح لأي قوة أن تبعد مصر عن أمتها العربية، ففي غيبة مصر حدث ماحدث - في إشارة لغزو إسرائيل للعاصمة اللبنانية بيروت ومعارك طرابلس- لا حديث عن التضامن العربي في غياب مصر.
استمرت الرحلة في عرض البحر حوالي ثلاث ساعات، لنصل من جديد إلي بورسعيد، ليلتقي عرفات في استراحة هيئة القناة مع بعض عناصر قوات عين جَالُوت الموجودة في مصر، بعد أن غادرأعداد من الجالية الفلسطينية كانت في انتظاره، ولكنها فقدت الأمل في لقائه ببورسعيد، فذهبت إلي الإسماعيلية، لعلها تحظي بهذا الشرف، وظهرت الحفاوة المصرية والاستقبال الكبير لعرفات والترحيب به، فبعد بورسعيد كان هناك رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت فؤاد محيي الدين، ومعه الدكتور بطرس غالي والدكتور أسامة الباز، في استقبال أبو عمار في استراحة النخيل بالإسماعيلية، ومنها بطائرة هليكوبتر إلي قصر القبة، حيث استقبله الرئيس مبارك، الذي كشف عن جهود مصر في إتمام عملية خروج عرفات وقواته من طرابلس، حتي وصل إلي بورسعيد، ووصف عرفات بأنه مناضل وزعيم يسعي إلي الحصول علي حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ورد عرفات ممتنا »‬لن ننسي ياسيادة الرئيس موقفكم معنا اثناء ملحمة بيروت وحصار طرابلس، وزيارتي للقاهرة سوف تساعد في وحدة العرب» وتوالت بعد هذه الزيارة اتصالات عربية مصرية علي أعلي مستوي، توجت بقرار إنهاء تجميد عضوية في الجامعة العربية، واستئناف العلاقات الدبلوماسية.
الاثنين: تجرع السم
في 18 يوليو 1988 كان يوما حارا من أيّام العراق، وكنت عائدا من الجبهة العراقية الإيرانية، ومعي الزميل المصور ابراهيم مسلم احد مبدعي قسم التصوير في الأخبار، متعه الله بالصحة والعافية، حيث كان رفيقي في كثير من المهام الصحفية داخل وخارج مصر، يومها كنّا فرغنا للتو من تغطية لإحدي معاركها المهمة التي حقق فيها العراق انتصارا مبهرا في منطقة الزبيدات، وهي منطقة حدودية إلي الشرق من محافظة ميسان، عبارة عن هضاب رملية متوسطة الارتفاع، وتمثل مفتاحا لمناطق آخري، ومن يستولي عليها يتحكم بصورة او بأخري، في الطريق الاستراتيجي بين بغداد العاصمة والبصرة أهم مدن الجنوب، لم يكن في الأمر جديد فقد قمت بتغطية كل المعارك علي الجبهة بين البلدين خلال خمس سنوات كاملة منذ يوليو 1983، شهدت انتصارات عديدة للقوات العراقية، بعد انكسارات وخسائر، في الفار والشلامجة وجزر مجنون ومناطق في هور الحويزة، الاستثناء الوحيد في معركة الزبيدات نوعية الخسائر الضخمة التي تكبدتها إيران، ووصلت أعداد الأسري إلي 7 آلاف من الجنود والضباط الإيرانيين من مجموع 30 ألفا، في معركة لم تستمر سوي أربع ساعات، وغنائم من الأسلحة والمعدات قدرت يومها ب5 مليارات دولار، أقيم لها معرض في مدينة العمارة العراقية، واستطاعت القوات العراقية يومها تدمير الفرقتين 21 و77 من القوات النظامية للجيش الإيراني، وهما في إيران من الفرق الذهبية للجيش.
والجديد أيضا في تغطيتي لهذه المعركة تحديدا، إنه عند عودتي من الجبهة سمعنا عن موافقة الزعيم الديني لإيران آية الله الخميني، عن موافقته علي قرار مجلس الأمن رقم 568، والذي يقضي بوقف إطلاق النار، والتوصل إلي ترتيبات لإنهاء الحرب، وهو ماتم رفضه من قادة إيران طوال سنوات الحرب، التي استمرت سنوات دون مبرر أو هدف، حتي أطلق عليها البعض »‬الحرب العبثية» أو »‬معارك اللا معقول»، لدرجة أن الخميني وصف موافقته علي القرار، بأنه كمن أجبر علي »‬تجرع السم»، فكانت حيرتي في الكتابة واضحة، بين التعلق بأمل السلام، أو مناورة تكتيكية لاستئناف المعارك، داخلنا كنّا نتمني ان تمثل الموافقة موقفا حقيقيا من القيادة بانهاء الحرب، دون ان يكون الامر خدعة أو خطة لالتقاط الانفاس، وإعادة ترتيب الأوضاع علي صعيد العمليات العسكرية، واثبتت الأيام التالية ان الهزائم التي منيت بها القوات الإيرانية، والصراعات الداخلية علي المستوي العسكري، بين القوات النظامية التي أريد لها ان تتحمل وزر الهزائم، وبين قوات الحرس الثوري. أو بين المستوي السياسي الذي يتحكم فيه رجال الدين في إيران، كان وراء قبول إيران بوقف إطلاق النار، وهكذا كنت علي موعد مع تغطية آخر معارك الحرب العراقية الإيرانية، ومع رصد أول نسمات السلام عندما صمتت المدافع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.