بغض النظر عن موعد الحفلة التي أطلقت فيها شيرين تصريحها حول النيل ولماذا تذكره من »نكش» فيه بعد تلك المدة فذلك التصريح ولو علي سبيل الهزار يفتح ملف هذه الفنانة المطربة الموهوبة وتصريحاتها المثيرة للجدل بين الحين والحين. ومن تضييع المساحة والوقت تعداد تلك التصريحات ومناسباتها وتفصيلها، فالرابط بينها واحد ومشترك ينبئ عن أفق ضيق وتعليم محدود أو حتي معدوم، وليس من باب الإثارة والبروباجندا المستمرة بالصدام مع الزملاء بالوسط أو تناول مثل هذا الأمر خارج الحدود بهذ الشكل »الساذج» ولو كان من باب الهزار واستخفاف الدم. هي موهوبة في فنها شهد لها بذلك من يتابعونها في أعمالها الغنائية منذ ظهرت علي الساحة، لكن الموهبة الجاهلة تستوي مع انعدام الموهبة حين يتحول صاحب الموهبة إلي متحدث لا يدري بما يقول، وهنا لابد أن يقفز إلي الذهن والذاكرة الموهبة الفطرية والذكاء الحاد الذي كان عليه رموز الفن زمان: محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ حين اتخذ كل منهم حماية بطانة وصداقات تعوضه فارق التعليم وتأخذ بيده إلي الأضواء والناس مسلحا بأسلحة كيف ومتي يتكلم وماذا يقول عندما يتكلم وحتي ماذا يغني أو لا يغني. المواهب الفطرية زمان كانت تتمتع بروح الهواية والحب لما تقدمه، واستمرت حتي في عز الشهرة والمجد تتمتع بتلك الروح، نعم عاشت الأضواء ودخلت في صراعات بينها وبين بعضها، لكن صراع الموهوبين الجاهلين يتحول إلي فضائح تلاحق أصحابها. وقديما قالوا »عدو متعلم خير من صديق جاهل»، وهكذا كان أصحاب الشهرة والأضواء زمان الدارس منهم والتلقائي يعوضون الفروق الجوهرية بينهم بالتماس معين واعٍ مدرك يقود خطاهم دائما نحو الأرقي وليس البقاء في قاع الجهل والاعتماد علي موهبة ينال منها رفقة جاهلة وظروف اجتماعية متردية وبريق خادع للشهرة وهاوية سحيقة لأموال بلا حدود ونفس ساذجة دائمة الخداع لصاحبها. أزمة شيرين تجسد الفجوة والفارق الشاسع بين زمان ثري بجده ولهوه ورموز الجد واللعب واللهو فيه أفادوا وأمتعوا أهل زمنهم واستمر عطاؤهم دائم الفائدة والمتعة حتي بعد أن رحلوا، فقد كانت أعمدتهم الرئيسية فيما قدموه: الموهبة وروح الهواية والرغبة الدائمة في التعلم من الأخطاء والتخلص منها، أما صناعة الفن في زمننا فجعلت من نجومه ألعوبة في يد تجاره وضحايا للنزق والطيش في التصرفات والأحاديث والهزار المؤذي. يرحم زمان وليالي زمان.